نهجٌ يتجدّد
ليس نهجاً عادياً ذلك الذي أسست له الحركة التصحيحية المجيدة، بل هو استراتيجية عمل متكاملة على كافة الصعد، حيث مكّنت بلادنا من أخذ دورها المؤثر والفاعل على المستوى الخارجي، كما فتحت الآفاق واسعةً أمام تحقيق نهضة تنموية شاملة في الداخل، وكلما مرّ المرء بإحدى المنشآت العامة على امتداد ساحة الوطن، تتقد في ذاكرته ما أسست له تلك الحركة من بنى جمة في مجالات الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والكهرباء وغيرها.
إن السدود العديدة ذات الأحجام الكبيرة تواجهك أينما حللت، وقد غطت شبكاتها مساحات شاسعة من الأراضي البور وتلك التي جرى استصلاحها، لتحولها إلى واحات خضراء تعج بمختلف المحاصيل، فكانت عاملاً أساسياً في نمو القطاع الزراعي وتكوين سلة غذائنا، والتي لم ندرك بحق أنها أحد عوامل أمننا الغذائي إلا أثناء الحرب الظالمة والحصار والعقوبات الجائرة على بلادنا.
ولا يمكن إغفال شبكات الطرق المركزية والمحلية التي تعد شرايين حيوية للاقتصاد الوطني، حيث وصلت الأوتسترادات بين جميع المحافظات وبلغت مختلف المعابر الحدودية القديمة والمحدثة مع الدول المجاورة، كما غطت المدن والقرى من عدة جهات، ولم تستثنِ الوصول لأعالي الجبال وقيعان الأودية مذللةً التضاريس، لتخديم زراعة الأشجار المثمرة والحراجية على قمم تلك الجبال والمحاصيل الباكورية والأشجار المثمرة في سرير الوديان، ولتنشيط الحركة السياحية في تلك المواقع التي تحوز مناظر خلابة تخطف الأبصار.
ولا تغيب منشآت القطاع الصحي من مشافٍ تتواجد في معظم المناطق ومراكز صحية تغطي أغلب المدن والبلدات، وكذلك الحال بالنسبة لمنشآت التعليم ومن مختلف المراحل، حيث عمّت المدارس جميع المناطق، فيما صروح الجامعات لا تغيب عن أي محافظة، تخرج الجيل تلو الجيل لرفد سوق العمل وحمل لواء التنمية، وحال قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها بنفس الاتساع والشمولية.
أما تحفيز الاستثمارات فكان بسنّ التشريعات المناسبة وتبسيط الإجراءات، ما أسهم في تأسيس وقيام العديد من المنشآت الصناعية النوعية المرتبطة بقطاعات مختلفة، والأمثلة من معامل الأدوية البشرية والبيطرية والأعلاف والكونسروة ووحدات الخزن والتبريد ومعاصر الزيتون والصناعات التحويلية والهندسية والكيمائية وغيرها الكثير شواهد لا تعد ولا تحصى.
إن التصحيح لا شك نهج يتجدد ليواكب كل مرحلة، وما نشهده على إثر ما خلفته الحرب على بلادنا من خراب للمنجزات لهو نهج ينبعث من جديد، يستهدف الإصلاح الاقتصادي والتعليمي والصحي والخدمي بشتى أنواعه ومجالاته، بهدف الارتقاء بالأداء والإنتاج ليكون أفضل من السابق، وهنا نحن مدعوون جميعاً لأن نكون على قدر المسؤولية فنشارك كأفراد ومجتمع مع الجهات العامة في تسريع إزاحة ما خلفته الحرب، ووضع عجلة التنمية المأمولة على سكتها الصحيحة.