العنف ضد المرأة وعلاقته بالاضطرابات النفسية.. نحلة: لابد من مؤسسات تلجأ المُعنفة إليها وخط ساخن للشكوى
تحولت المحاضرة التي ألقتها الباحثة الاجتماعية هيام نحلة ضمن نشاطات المحطة الثقافية في المركز الثقافي بمدينة جرمانا، حول العنف ضد المرأة وعلاقته بالاضطرابات النفسية، إلى جلسة حوار غني تناول فيها العديد من المشاركين مختلف الجوانب المتعلقة بهذا المجال.
العنف من وجهة نظر الباحثة نحلة أصبح أكثر تغولاً في أسرنا السورية من خلال جرائم يندى لها الجبين، من زوج أو أخ أو أب، فالزوج الذي يجب أن يكون حضناً دافئاً، والأخ الذي يجب أن يكون سنداً وداعماً، والأب الذي طالما عرفناه يخاف على أبنائه من لسعة الريح ويقدم لهم كل ما يستطيع.
وبالبحث عن أسباب تلك الجرائم نجدها متداخلة ومركبة، ومن أهم أسبابها الجهل، وثقافة بعضهم القائمة على العنف، إضافة للتراجعات الفكرية الناتجة عن عولمة الإرهاب في نشره بين أبناء الجيل عبر الألعاب الإلكترونية والكرتونية، والدراما التي توقفت عن دورها التوعوي، وباتت كأنها تعمل بالتوازي مع تثبيت العنف ووضع المرأة في خانة العورة، وكل ذلك يصب في هدف السياسات العالمية لحشر المجتمعات في قمقم الجهل والتخلف.
وأضافت نحلة أسباباً أخرى لهذا العنف، تتمثل في التنشئة القائمة التي تهدف إلى صناعة ذكر شرقي يرى الرجولة في التعنيف وإهانة الأنثى -أخت أو زوجة- فزوج «آيات» الذي ننتظر عقابه لجريمته النكراء، ومعاملته السيئة لزوجته، لم تستطع آيات المسكينة مواجهته، رغم أنها تألمت وحدها، وبكيت وحدها، وخافت لكونها يوميأ تتلقى رسائل إرهاب من تلك العائلة المجرمة.
هذا الزوج المجرم هو بالأساس ضحية العنف والظلم في طفولته، ضحية الثقافة التي تميز بين الذكر والأنثى، ضحية مفاهيم الرجولة المشوهة، ضحية أب معتوه وأم مضطربة، هذه الأم التي تسحق ابنها، وتجعله تابعاً وترسل له يومياً رسائل لتعنيف زوجته ليثبت لها أنه رجل.
واقترحت الباحثة ضرورة إيجاد مؤسسات تلجأ إليها المُعنفة لمساعدتها، كي لا تصيبها الرسائل المجتمعية باضطراب، فتقتنع بأنها عورة.. ناقصة .. خادمة.. ومهمتها لا تتعدى خدمة الرجل وإمتاعه والإنجاب، ومع تراكم العنف المقموع سيؤدي بها إلى إدمان الألم واستمراء المذلة، ويعمل الذكر على اختزالها واستلابها واستغلالها للرمق الأخير، حتى تدخل مراحل متقدمة من المرض العضوي أو النفسي أو تعيش تحت الخطر، وتتعرض يومياً لضربة قاصمة قد تنهي حياتها كما في حالة آيات.
وتمنت الباحثة إيجاد خط ساخن للشكوى، لأن المُعنفة أصلاً تمنع من الخروج من جدران منزلها، وأهمية الإبلاغ عن المضطربين نفسياً، ومراجعة الطبيب النفسي حتى لا تتفاقم المشكلات وتصل حد الجريمة.
بدوره رئيس اتحاد الكتّاب العرب فرع ريف دمشق د.غسان غنيم تحدث عن أهمية التنشئة الأسرية، مشاطراً الباحثة أسباب تلك الجرائم، ومؤكداً أن الأزواج متساوون في الحقوق والواجبات، وينبغي أن تصبح هذه ثقافة في المجتمع يعمل الجميع على تكريسها بغية الخروج من مفهوم العنف.
أما مديرة المركز الثقافي في مدينة جرمانا عبير نادر فركزت على أهمية ثقافة الشكوى، لكون السيدات يخجلن من الشكوى، إضافة لعدم مساندة الأهل لبناتهن القاصرات والمعنفات، نتيجة عدم امتلاكهن القوة والصراحة في مواجهة العنف، وجلّ المعنفات غير متعلمات، ويعانين من غياب الاستقلال المادي.