قراءة اقتصادية في القانون /37 / واقتصاد الظل..
أصدر السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد القانون /37/ تاريخ 27/12/2021 المكون من /56/ مادة والقاضي بتوسيع صلاحيات ومسؤوليات الوحدات الإدارية السورية في (المدينة أو البلدة أو البلدية) سواء لمجلسها أو مكتبها التنفيذي وبإشراف وزارة الإدارة المحلية، وبموجب القانون تم دمج جميع القوانين المالية المتعلقة بموازنات الوحدات الإدارية بقانون واحد وبقراءة اقتصادية وليس قانونية للقانون وجدت أنه سيساهم بشكل كبير في تحسين عمل الوحدات الإدارية سواء التنموية أم الخدمية على المستويين الجزئي (الوحدة) والكلي (الوزارة) وتنفيذ المشاريع بكفاءة وجودة أفضل ويحقق التعادل بين (الصلاحيات والمسؤوليات) وهذا جوهر الإصلاح الإداري، ويوسع من دائرة الخريطة الاقتصادية لمصادر الإيرادات ونتمنى أن تتوسع في المستقبل للقضاء على التهرب الضريبي وإدخال اقتصاد الظل أو غير الرسمي وهو الاقتصاد الذي (يستفيد من النفقات العامة ولا يساهم في الإيرادات العامة) في عجلة دورة التنمية الاقتصادية في مرحلة نحن في أمس الحاجة إلى تحقيق التقابل بين النفقات والإيرادات، وتؤكد بعض الدراسات أن نسبة اقتصاد الظل في الاقتصاد السوري حالياً أكثر من 52%، واستثنى القانون في المادة /47/ بعض الفعاليات من عدم تسديد الرسوم الواردة لأسباب عدّها المشرع موضوعية ومنها (الوزارات والهيئات ذات الطابع الإداري والمنظمات والأحزاب المرخصة والنقابات والاتحادات والعقارات المملوكة لها ودور العبادة والعقارات الوقفية العائدة للأديان وعقارات البعثات الدبلوماسية والقنصلية المعتمدة شريطة المعاملة بالمثل وعقارات المنظمات والهيئات الدولية وفقاً لأحكام الاتفاقيات الدولية النافذة وعقارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري شريطة ألا تكون مستثمرة أو مهيأة للاستثمار وعقارات الجمعيات الخيرية المرخصة شريطة عدم استثمارها والصناديق التعاونية المرتبطة بالجهات العامة مادامت مخصصة للغاية التي أحدثت من أجلها وغير مستثمرة..إلخ) وقناعتي أن هذه الجهات وليس كلها لها مواردها الخاصة ويجب أن تسهم في رفد خزينة الدولة بالإيرادات لأن (خزينة الدولة جيوب رعاياها) و تستفيد من نفقات الموازنة السنوية وعليها أن تسهم في تقليل عجز الموازنة السنوي، وحدد مصادر للإيرادات لم تكن تسهم بها سابقاً وبما يتناسب مع المزايا النسبية لكل وحدة إدارية لتتمكن من تحويلها إلى مزايا إيرادية تفضيلية لها وبما يتناسب مع واقع النشاط الاقتصادي لكل وحدة إدارية، ونذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر فرض رسوم على أصحاب المراكب والزوارق وأماكن التخزين ومحلات بيع أو تقديم المشروبات الكحولية والنوادي الليلية والتأجير والاستثمار والمزاد العلني ورسم معاينة الحيوانات وذبحها في المسالخ والرخص الممنوحة لإنشاء أو إصلاح أي بناء وإشغال الأملاك العامة مثل (الطرق والأرصفة والساحات ومواقف السيارات) وعلى شاغلي المحلات والباعة المتجولين وتحصيل رسم نظافة شهري وبمبالغ متواضعة وكذلك المطاعم والملاهي والمقاهي والورشات المهنية بمختلف أنواعها وصالات الأفراح والصالات الرياضية والمعاهد التعليمية ورياض الأطفال والمدارس الخاصة والمصارف والشركات الخاصة والمهن الحرة والتبغ والرخص الإدارية.. إلخ، مع مراعاة الجانب الاجتماعي لذوي الدخل المحدود ونذكر منها مثلاً، زيادة نسبة تخفيض ثمن تذكرة النقل الجماعية وفاتورة المياه وتمديد سداد قيمة الخدمات المقدمة من تزفيت وتعبيد للشوارع من 3 إلى 6 سنوات..الخ. في كل الأحوال إن وجود مجالس تنفيذية فعالة في الوحدات الإدارية سيسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ضمن الوحدة الإدارية وزيادة الإيرادات وترشيد النفقات أيضاً، والتوجه لتحويل الموارد المتاحة إلى إيرادات حقيقية بما ينسجم مع المعادلة النقدية.
إن أي علاقة اقتصادية تؤول في مآلها إلى العلاقة النقدية، وكلما زادت الإيرادات على النفقات، كانت منظومة الدعم الاجتماعي أقوى وهذا يتطلب وضع خريطة اقتصادية لكل وحدة إدارية تعتمد على تحديد مصادر دخلها وترشيد إنفاقها ومحاربة التهرب الضريبي والهدر والفساد، وهنا نحقق الربط الاقتصادي بين (التخطيط المركزي) و(التخطيط الإقليمي) وعندها تتحول كل وحدة إدارية إلى مركز نمو حقيقي يعمل وفق مبدأ الحساب الاقتصادي (إيرادات ونفقات)، ويساعد في هذا أن لكل وحدة إدارية نسبة من الإيرادات المحققة ومنها مثلاً ريع العقارات ورسوم وسائط النقل والمرفأ والضرائب ورسوم الاستهلاك والتخزين والإعلان والتبغ ورسوم رخص استثمار المناجم والمقالع وثروات الغابات وأسعار دخول المتاحف والقلاع الأثرية.. الخ، وتوزع الإيرادات المحققة وفقاً لمعايير واضحة ويمكن تعديلها بقرار من السيد رئيس مجلس الوزراء، نأمل أن نبدأ سنة 2022 بكل تفاؤل وكل عام وسورية شعباً وجيشاً وقيادة بألف خير.