للمرة الأولى سوف أسأل: عن مصير من سخر منهم “وليد معماري” لدرجة أن الضحكة كانت تقف في محجرها، ونحن نستمع إلى جملة، ولا نستطيع البكاء، فهل نحن الجناة، أم المجني عليهم، في عصر باتت أوراقه تتخبط في بحثها عن القاتل والقتيل، ولا تستطيع الإشارة إلى أي منهم بالاسم ليكون هو عنوان المرحلة: أذكر أني سألته بذات المباشرة عن العدو الذي كان يخفي اسمه الحقيقي، لنتحول جميعاً إلى هياكل عظمية بقمصان مزركشة نتقمص من خلالها سيطرته العلنية علينا، فنغدو أغراباً نطارح أيامنا الغرام بلوعة المقهور، ولن يثنينا عن الجري خلفه تشقق أقدامنا، لإيماننا بأنه هو جوهر الحياة الدنيا.. قلم “وليد معماري” وحده كان يقف في وجهه كعدو مبين، ولا يخشى بطشه، لإيمانه بأن أساساته منخورة بالظلم، وإن لكلّ ظالم نهاية..
– في مساء حار من صيف عام 2008 وبناء على دعوة مني، زارني “وليد معماري” في منزلي في “أشرفية صحنايا” ولأنها هي المرة الأولى التي سألتقي فيها أديبنا الساخر، فقد عوّلت على أن تكون جلسة سمر، لكن وليداً خذل توقعي، واسترسل بالحديث عن الأشجار التي كانت تقيم هنا قبل أن تتحول أرضها إلى منزل لي، كان حديثة يحمل عتب طفل على من سرق أرجوحته قبل أن يأخذه النوم إلى ملكوت الحلم الذي يتمناه، من دون أن يشير إلى الجاني الذي استبدل الأشجار بكتل من الأسمنت، في مرات لاحقة لم أعد أـنتظر من “وليد ” أن يغرق جلستنا بالضحك، سأعتاد صوتَ طفلٍ يخرج من وسط الحشرجات التي لن يستطيع ابتلاعها، مهما بالغ بالصبر، وهو يكيل التهم إلى عدوه المبين، إنه شيطان المال: قالها لي عام 2012 عندما التقينا لآخر مرة تحت ظل الباب الشرقي لمدينة دمشق، لكن “جريدة تشرين” أبت أن تسير بنا خدعة البعد إلى ما تبتغيه، فأخذتني إلى جوار قلمه حيث يقيم في “زاوية آفاق “..
– وليد معماري، أستاذنا الكبير، لم يخطر ببالي يوماً بأن زاويتي «آفاق» الأسبوعية في الصحيفة التي جمعتنا ذات شتاء، سوف تخصص في هذا اليوم لنعوتك، لكن قدر العصافير أن ترحل، وقدرنا أن نبقى نبحث عن صوتها الساخر بين ما يتركه لنا الرحيل من فراغ !!..