شكّل فشل الولايات المتحدة في التعامل مع تفشي وانتشار فيروس كوفيد19 وما تبع ذلك من أزمات اقتصادية وتضخم كبير مصدر قلق للكثير من الأمريكيين حول قدرة الولايات المتحدة على قيادة العالم، وخاصة في ظل ما يواجهه العالم اليوم من أزمات من جهة ومن استقطاب وانقسام مجتمعي غير مسبوق من جهة أخرى، فهل ستبقى الولايات المتحدة على موقعها في ظل الصعود الصيني السريع والحتمي؟ هذا ما أوضحه مركز الدراسات الإستراتيجية العالمي في مقال جاء فيه:
لقد أصبح الصعود المذهل للصين أحد أبرز قصص القرن الحادي والعشرين، فمنذ سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991، اعتبرت الولايات المتحدة عموماً القوة العظمى الوحيدة في العالم، بينما لا يزال يُشار إلى الصين عموماً على أنها قوة عظمى صاعدة.
بعض المحللين على يقين من أن العملاق الآسيوي (الصين) في طريقه نحو القمة وسيسحب البساط من الولايات المتحدة كقوة عالمية في العقود المقبلة، بينما يرى آخرون أن الولايات المتحدة ستبقى في المقدمة لسنوات قادمة.
أولئك الذين يجادلون بمكانة الولايات المتحدة، يشيرون إلى أن مفهوم القوة العظمى يفقد أهميته في عالم “متعدد القوى” بشكل متزايد مع تأكيد أن العملاق الغربي لم يعد يلبي جميع المعايير المطلوبة، على سبيل المثال، بينما تواصل الولايات المتحدة استخدام القدرات العسكرية الأكثر تفوقاً على وجه الأرض، فإنها تفقد دورها المهيمن في الشؤون العالمية واحتلال مكانة الصدارة على المسرح الاقتصادي العالمي.
لكن ماذا يعني أن تكون أمريكا “قوة عظمى”؟
يبين المقال أنه من المدهش عدم وجود تعريف رسمي لما يشكل قوة عظمى – ولكن وفقاً لمجموعة من التعريفات، تتميز القوة العظمى عادةً بقدرة الدولة على ممارسة التأثير وعرض نفسها كقوة مهيمنة في أي مكان في العالم.
هناك عدة مقاييس للقوة تشمل القوة العسكرية والاقتصادية، فضلاً عن النفوذ الدبلوماسي والثقافي، خاصة وأن القوة العظمى ينبغي أن تكون الرائدة في كل هذه المجالات.
وفي هذا السياق ترى ماريا روست روبلي، الأستاذة المساعدة في العلاقات الدولية بجامعة موناش، أن الولايات المتحدة لا تزال الأقرب إلى ما يُفهم على أنه قوة عظمى عالمية، لكنها أضافت إنها لا تفي بشكل متزايد بجميع المعايير الخاصة بها.
وأضافت: “إنهم بحاجة لأن يكونوا القوة المهيمنة ليس [فقط] عسكرياً، ولكن سياسياً واقتصادياً، ومن الواضح أن الولايات المتحدة ليست الرائدة اقتصادياً على مستوى العالم،، ولعل الصراع الحالي مع الصين يوضح ذلك”.
على سبيل المثال، توقفت الصين عن شراء السندات الأمريكية وباعت جميع السندات التي تحتفظ بها، ما سيجعل الأمر صعباً للغاية بالنسبة للولايات المتحدة اقتصادياً”.
يقول بروفسور أمريكي لم يرد ذكر اسمه إنه لا يوجد شك في أن الاقتصاد الصيني أصبح “منافساً خطيراً للغاية”، مضيفاً إن العولمة قد فرقت القوة الاقتصادية على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، لافتاً إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تبلغ قيمتها أكثر من تريليون دولار.
وتابع قائلاً: إننا نشهد إعادة توازن للقوى، وبالطبع، الصعود المستمر للجهات الفاعلة القوية وهي ليست دولاً مثل منظمات إرهابية أو شركات متعددة الجنسيات أصبحت جهات فاعلة متزايدة الأهمية في العالم، لذا فنحن نرى الهندسة القديمة للقوة تُعاد توزيعها بالكامل بمرور الوقت وهي تقوض بشكل منهجي قدرة الدول على القيادة بالفعل.
وأكد المقال أن دخول الصين للمنظمة التجارية مع العالم واستغلالها رخص الأيدي العاملة الماهرة والضخمة ساهم في انطلاقتها ونجاحها في تحقيق معدلات نمو تفوق الـ 8% خلال العشرين عاماً الماضية ودفع باتجاه جذب ملايين المستثمرين نحوها.
على النقيض تورطت أميركا في حروب مكلفة في أفغانستان والعراق خرجت منهما مؤخراً خاسرة، حيث تشير دراسة بحثية مشتركة صدرت عن جامعة براون المرموقة، إلى وصول تكلفة الحروب منذ هجمات 11 أيلول وحتى نهاية العام المالي 2021 إلى أكثر من 6.4 تريليونات دولار، ناهيك عن التكلفة البشرية ومئات الآلاف من الضحايا الأفغان والعراقيين الأبرياء.
مركز الدراسات الإستراتيجية العالمي