مهمة هوكشتاين بين استدعاء التفاؤل واستعجاله.. العقدة في الكيان الإسرائيلي وشروطه الـ3 فهل أسقطها الأميركي فعلياً أم..؟
تشرين – مها سلطان:
استدعاء التفاؤل، أو بعضٍ منه، ليس بالضرورة أن ينمَّ عن تفاؤل حقيقي، واستعجال التفاؤل ليس بالضرورة أن يجعله حقيقياً، إذا ما كان الحديث والتحليل والتفسير يتعلق بجبهة لبنان وزيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة لبيروت يوم أمس الثلاثاء ومباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين التي جاء في ختامها أن الباب بات مفتوحاً نحو تسوية تنهي الحرب «في ميدانها اللبناني».
هناك شبه اتفاق على أن الرد الإيجابي من لبنان لا يعني بالضرورة نجاح مهمة هوكشتاين في الوصول بالتفاوض إلى بداية طريق إنهاء الحرب
هذا ليس من قبيل التشاؤم، وليس تقليلاً من شأن التفاؤل الذي لا يزال قائماً، بانتظار مغادرة هوكشتاين العاصمة الفرنسية باريس باتجاه الكيان الإسرائيلي، ولكن هناك شبه اتفاق على أن التفاؤل كان على المستوى الرسمي، ولم ينسحب على مستوى المحللين والمراقبين الذين يتجاوزون العناوين الرئيسية «العامة» باتجاه التفاصيل وشياطينها الكامنة.. حتى داخل الأوساط الأميركية كان هناك اتفاق على تفاؤل متوسط بنجاح مهمة هوكشتاين، وفق ما نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية.
العقدة ليست في لبنان
من البداية لم تكن العقدة في الجانب اللبناني، وإنما في الكيان الإسرائيلي، والجانب اللبناني أعطى موافقته على المقترح الأميركي «بعد إزالة النقاط الخلافية».. لكن هذا لا يكفي، ولا يعني أن مهمة هوكشتاين «الناجحة» في لبنان أوصلت المسار إلى بداية طريق إنهاء الحرب، فإذا ما تم فعلياً إزالة النقاط الخلافية، وإذا ما كان هناك موافقة أميركية حقيقية على هذه الإزالة، في الشكل والمضمون وفي الميدان، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الكيان الإسرائيلي سيوافق على هذه الإزالة، فيما هذه النقاط الخلافية هي شروط إسرائيلية نهائية غير قابلة للنقاش أو الرد وفق ما يصرح به مسؤولو الكيان على الدوام وعلى رأسهم متزعم حكومة الكيان بنيامين نتنياهو الذي كان يعيد تأكيد هذه الشروط فيما كان هوكشتاين يتحدث من لبنان عن «فرصة» وعن اتفاق بات «بين يدينا».. «سيكون جاهزاً للتوقيع في 15 كانون الأول المقبل» كما يُقال.
وللتذكير، هذه الشروط تتمثل في: 1- ضمان أميركي بحرية هجمات الجيش الإسرائيلي وطائراته في جميع الأراضي اللبنانية. 2- إبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني. 3- وقف جميع خطوط إمداد حزب الله بالسلاح.
حسب الجانب اللبناني تم إسقاط هذه الشروط التي تم إدراجها تحت عنوان النقاط الخلافية، وحسب تصريحات وزير الشباب والرياضة اللبناني، جورج كلاس، فإن «السيادة اللبنانية أصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من المفاوضات، وأن لبنان لن يتنازل عنها بأي شكل من الأشكال» مؤكداً عبر إذاعة «سبوتنيك» أمس أن المفاوضات لم تتجاوز حدود «اتفاق وقف إطلاق النار» وليس «اتفاق إذعان». وقال إن التفاصيل الدقيقة قد تكون معقدة، لكن العناوين الرئيسية تتسم بالإيجابية، مشيراً إلى أن لبنان قدم ما لديه بشكل جاد، لكنه استدرك بالقول: إن الشياطين تكمن في التفاصيل.. «والجواب النهائي يبقى عند الجانب الإسرائيلي بعدما قدم لبنانه جوابه الرسمي».
لا شك أن لبنان تجاوز مرحلة مهمة صعبة على مستوى التفاوض أو لنقل برأ ساحته من تهمة العرقلة (والتعنت) واستطاع إنجاز توافق قاد إلى موقف إيجابي
الآن.. إذا ما كان الجواب النهائي عند الكيان الإسرائيلي، وهو أمر معروف للجميع، وإذا ما كان الكيان يصر على شروطه، فكيف يمكن الحديث عن تفاؤل، وكيف يمكن لهوكشتاين، أي للأميركي، أن يتحدث عن فرصة واتفاق وشيك؟ طبعاً ونحن لم نتحدث بعد عن النيات الخبيثة الكامنة في تفاصيل الزيارة والتفاوض لناحية فك الارتباط، ليس بين لبنان وغزة أيضاً، بل بين لبنان بمستوييه الرسمي والمقاوم، وخلق شرخ أو لنقل فتنة بين لبنان الرسمي وبين المقاومة/ حزب الله.
لا شك أن لبنان تجاوز مرحلة مهمة صعبة على مستوى التفاوض، أو لنقل برأ ساحته من تهمة العرقلة (والتعنت) واستطاع إنجاز توافق قاد إلى موقف إيجابي تم وضعه في عهدة هوكشتاين الذي يُفترض أن يتوجه إلى الكيان اليوم الأربعاء. لكن السؤال: ماذا سيحمل هوكشتاين إلى الكيان إذا كانت شروطه آنفة الذكر تم إسقاطها؟.. إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها، مما لم يأخذ طريقه للعلن. وحتى استجلاء كامل الصورة يستمر الانتظار، ويبقى الترقب سيد الموقف.. ويبقى الميدان من تصعيد إلى تصعيد.
كلام الميدان
هذا على مستوى السياسة والتفاوض، أما على مستوى الميدان، فهناك حديث آخر تسطره المقاومة اللبنانية/ حزب الله، التي توسع أكثر فأكثر معادلة الصواريخ والمسيرات لتشمل كل الكيان الإسرائيلي، أما عمليته العدوانية البرية فلا زالت رهينة «المسافة صفر» وبما لا يسمح له بالإعلان عن أي تقدم نهائي في أي بلدة أو قرية، رغم كل محاولاته الدعائية التضليلية التي يسوقها للتغطية على خسائره الميدانية، في العتاد والجنود والمعنويات.
وكان حزب الله أكد احتدام المواجهات عند أطراف بلدة مركبا جنوب لبنان، حيث يواصل مقاتلوه استهداف القوة الإسرائيلية المتوغلة، بالصواريخ.
وكشف حزب الله، في بيانات أصدرها ليل أمس الثلاثاء وفجر اليوم الأربعاء، مجريات المعركة في مركبا، مشيراً إلى استهداف قوة مشاة إسرائيلية في وادي هونين عند الأطراف الشرقية لبلدة مركبا، بصاروخ موجه، وتم تحقيق إصابات مؤكدة.. ولدى وصول قوة مشاة إسرائيلية ثانية لسحب الإصابات، تم استهدافها بصاروخ موجه ثان، أوقع فيهم إصابات مؤكدة.. ثم حاولت قوة مشاة إسرائيلية ثالثة التقدم لسحب القتلى والجرحى، فتم استهدافها بصاروخ موجه ثالث، فوقع أفرادها بين قتيل وجريح.
وفي بيان آخر، أكد حزب الله أنه استهدف ليل الثلاثاء – الأربعاء تجمعاً لقوات الجيش الإسرائيلي في موقع المرج (في محيط وادي هونين) المقابل لبلدة مركبا، بصلية صاروخية.
وكان حزب الله كشف أن عملية حيفا الصاروخية النوعية، يوم أمس الثلاثاء، تأتي في سياق الوعد الذي أعلنته غرفة عمليات الحزب بتزخيم ورفع وتيرة «عمليات خيبر» النوعية، ودحض مزاعم الكيان بتدمير قوات الصاروخية. وقال في بيان: إن المقاومة ومن خلال هذه العملية تؤكد أنها لا تزال تمتلك القدرة على استهداف قواعد العدو العسكرية بمختلف أنواعها بوقت واحد ومتزامن، وبصليات كبيرة من الصواريخ النوعية التي أمطرت مدينة حيفا.
وأكد الحزب أن عملية حيفا النوعيّة حققت أهدافها بدقة ووصلت صواريخ المقاومة إلى القواعد العسكرية الخمس التي أعلن عنها وأدخلت العملية أكثر من 300000 مستوطن إلى الملاجئ، مشيراً إلى أن «المستوطنين يدفعون ثمن انتشار القواعد التابعة للجيش الإسرائيلي داخل المستوطنات وقرب المصالح التجارية والاقتصادية».
وأشار بيان الحزب إلى أن المقاومة أعدت العدة لضمان قدرتها وجاهزيتها لتنفيذ هذا النوع من العمليات في حيفا، وحتى ما بعد بعد حيفا، ولمدى زمني لا يتوقعه الكيان. وقال: إن حصيلة الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي منذ إعلانه عن بدء «المرحلة الثانية» من العملية البرية في جنوب لبنان في 12 تشرين الثاني الجاري، تجاوزت الـ18 قتيلاً و32 جريحاً (إصابات بعضهم حرجة) بالإضافة إلى تدمير 5 دبابات ميركافا وجرافة عسكرية.
وأضاف أن الحصيلة التراكمية للخسائر منذ 1 تشرين الأول الماضي وحتى الـ19 من تشرين الثاني الجاري، بلغت 110 قتلى وأكثر من 1050 جريحاً بين ضباط وجنود.
ميدان الجنوب يستعصي على الكيان وجلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم حول غزة على وقع مجزرة إسرائيلية جديدة راح ضحيتها 22 فلسطينياً
جبهة غزة
وفي قطاع غزة، وفيما يستعد مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة اليوم الأربعاء للتصويت على مشروع قرار يطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ارتكب الكيان مجزرة جديدة بحق أهل القطاع راح ضحيتها 22 فلسطينياً على الأقل، بعد استهداف الطيران الإسرائيلي منزلاً لعائلة «عودة» في جباليا شمال قطاع غزة، فجر اليوم الأربعاء.
وحسب وسائل إعلامية فإن طواقم الدفاع المدني التي حاولت انتشال الشهداء وإنقاذ الجرحى، تعرضت لاستهداف مباشر من الطيران الإسرائيلي، ما أدى لمقتل واحد منهم وجرح ثلاثة آخرين.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول 2023.. وفي اليوم الـ411، ارتفع عدد الضحايا إلى 43 ألفاً غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما وصل عدد المصابين إلى 103,740.