عمرها التطوعي عشر سنوات.. «شباب ومؤسسات» تواصل عملها في خدمة أسر الشهداء والجرحى
عشرات الشباب المتطوعين والمؤسسات والجمعيات الخيرية التطوعية، قدموا خلال سنوات الحرب على سورية، ومازالوا، الدعم والرعاية لأسر الشهداء والجرحى، واليوم يكرم هؤلاء المتطوعون على عملهم الذي قاموا به بكل إخلاص، فكان التكريم بمنزلة شحذ الهمم ومواصلة ما يقومون به بكل أمانة.
من دمشق إلى اللاذقية وريفها، توجهت مؤسسة «سورية بتجمعنا» في عدة زيارات خلال سنوات الحرب على سورية، وكانت آخر زيارة لها الشهر الماضي، حيث قامت الجمعية بزيارة وتكريم لعدد من أسر الشهداء والجرحى الأبطال.
تجديداً للعهد بالعطاء
وفي حديثه لـ«تشرين» قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة رامي الحلبي: حملنا رسائل تقدير ومحبة وإكبار من قلب كل سوري إلى الأسر الكريمة، التي أنجبت رجالاً حموا الوطن، ودافعوا عنه بدمائهم وأجسادهم، وتابع: استمرت جولتنا في اللاذقية وريفها أسبوعاً، وشملت العديد من المناطق مثل قرية البودي ونينتي وجرماتي والقرداحة وعدداً من المناطق المتفرقة، تم تقديم شهادات تكريم لعدد من ذوي الشهداء والجرحى، والاطمئنان على أحوالهم ومتابعة مشكلاتهم بحضور مندوب من مكتب شؤون الشهداء والجرحى في اللاذقية.
وأشار الحلبي إلى أن من أحد الأهداف الرئيسية التي قامت عليها مؤسسة «سورية بتجمعنا» منذ عشر سنوات، مساعدة أسر الشهداء والجرحى، والوجود معهم بشكل شبه دائم، رداً للجميل وتعزيزاً للتواصل بين أبناء الوطن الواحد، من هنا كان دائماً التعاون مع وزارة الدفاع لتزويدنا بأسماء أسر الشهداء والجرحى، ليتم التواصل معهم وزيارتهم والاطمئنان عليهم.
وقال الحلبي عن تكريم المؤسسة من محافظ اللاذقية: ما هو إلا تجديد للعهد بالعطاء لأبناء سورية وأسر الشهداء والجرحى، وتطوير عملنا الذي يصب في خدمتهم.
تكريمنا يزيدنا همة
من ألم فقد الأحبة واستشهاد الإخوة تولّد لدى الشاب غدير سالم من محافظة اللاذقية عمله التطوعي الإنساني، وهو أخ للشهيدين معن وعلاء سالم وأخ لجريح، فسار على خطاهم، وكان بجانب كل عائلة شهيد وجريح ومحرر من الخطف الإرهابي، فلم يتوان رغم جراحه ووجعه عن أن يكرس نفسه للعمل الإنساني، يقول سالم: العمل الإنساني أبوابه كثيرة، وليس هناك أجمل من أن تكون سبباً لبسمة طفل وسبب خير وبسمة لعائلة شهيد أو جريح في هذا الوطن.
ويقول غدير، الذي امتد عمله التطوعي إلى المشاركة في إخماد الحرائق التي اندلعت في ريف المحافظة: «دائماً ساعد.. إذا كنت قادراً على مدّ يديك، ومساعدة الناس فأنت قادر على أن تنهض من وجعك».
وخلال عمله التطوعي كان الشاب غدير مع الشاب علاء كفر قطاري يداً بيد في كل عمل، وكان التشبيك مع الجمعيات الخيرية الأخرى، مثل مؤسسة الشهيد، جمعية الصواري، جمعية إيثار وغيرها أساس عملهما التطوعي في خدمة جرحى الجيش العربي السوري وأبناء الشهداء والمحرَّرين من الخطف على يد التنظيمات الإرهابية.
يقول الشاب علاء كفر قطاري في حديثه لـ«تشرين»: نذرت نفسي منذ عام 2011 وإلى اليوم لخدمة أسر الشهداء والجرحى وأبنائهم، وكان الجانب التعليمي الأهم بالنسبة لنا كمتطوعين لخدمتهم، فكان رعاية طفل وابن شهيد ودعمه نفسياً وتعليمياً واجتماعياً واجباً، ليكون قادراً في المجتمع كغيره من الأطفال، مضيفاً: هناك العشرات من الأطفال الذين تابعناهم دراسياً من المرحلة الإعدادية إلى الثانوية، وهم الآن يتابعون تعليمهم الجامعي، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لهؤلاء.
الجهود التطوعية النبيلة للشابين علاء وغدير لمسها الأهالي والقاطنون في منطقة الدعتور في مدينة اللاذقية وبقية المناطق ريفاً ومدينة، ولهذا جاء تكريم محافظ اللاذقية لشكرهما ودعمهما في عملهما، وعن التكريم قال الشابان: هذا دليل نجاح وثقة بأن جهودنا لها أثرها عند المعنيين، والتكريم المعنوي لن يزيدنا إلا همة، ومتابعة لعملنا في خدمة أبناء أنبل بني البشر، وهذا واجبنا تجاه بلدنا.
ثقافة التطوع ضرورة وطنية
بدورها أشارت المستشار الأسري والدكتورة في التنمية البشرية سلوى شعبان إلى أن التطوع لخدمة بناء مجتمع راقٍ يتطلب أن تكون العلاقات الاجتماعية عالية جداً، تلامس روح الانتماء للوطن والأرض، وهذا يأتي من خلال نشر ثقافة الحب بين أفراد المجتمع الواحد تسوده روح التعاون، ويسبق هذا بناء الذات كما تقول شعبان، وتوطيد حالة التكافل الاجتماعي التي تعطي روحاً للاستمرارية في الحياة رغم الظروف والحالات الصعبة، كالكوارث والحروب على البلاد التي تشوه هدوء واستقرار المجتمع.
وأضافت شعبان: للتطوع أشخاصه الذين يتمتعون بأخلاق النبل والشهامة والإنسانية، وكيف إذا كانوا شباباً بدمهم الفتي وهمتهم التي لا تغفو، ولا تعرف الكلل أو الملل.. والأمثلة كثيرة وقوية في بلدي سورية وغيرها من البلدان، والإحصاءات تكاد لا تستوعب أعداد المتطوعين من الشباب والشابات، ومختلف الأعمار الذين أوجدوا ونظموا المبادرات الشبابية والأهلية والفرق الإنقاذية التي هبت وتطوعت تلقائياً أثناء الحرب على سورية، ومازالت حتى الآن لتقدم يد العون لإخوتهم في الوطن الواحد، وبكل فخر واعتزاز وتجاوز لكل التحديات والصعاب، من تقديم للغذاء واللباس والمسكن والخدمات والتعليم والنظافة والترميم و…و، فهؤلاء عصب حياة الأمة ونسغ تجددها الدائم، وواجبنا تجاههم الثناء والشكر والامتنان لما يقدمونه ويسهرون عليه.
وأكدت شعبان أهمية تكريمهم لأن تكريمهم هو الدافع لهم، والمحافظة على شريان قوتهم وعزيمتهم، فحري بالجهات الحكومية والأهلية والمؤسسات الداعمة من المساهمين الخيرين، الذين يتبرعون بتقديم مختلف المساعدات أن تقول لهم: شكراً قولاً وفعلاً وتنظم لهم احتفالية دورية ومهرجانات تكريمية، وتصور وتؤرشف أنشطتهم لتكون الدليل للأجيال القادمة، تتعلم منه وتقوى لتشحذ هممهم وتقوي وجودهم، وتذكر أسماءهم ليشعروا بعظمة عملهم النبيل وقيمة تطوعهم اللامتناهي بخيره وعطائه.