لم تغب شمس مؤتمر “كوب 26” الخاص بالمناخ الذي انعقد برعاية الأمم المتحدة على مدار أسبوعين في غلاسكو باسكتلندا، حتى عادت أو استمرت التحذيرات المتعلقة بالتغير المناخي، مع ما يفرضه ذلك من كوارث بيئية كانت بطريقة أو بأخرى نتيجة أنانية الدول الرأسمالية التي تفضل دائماً المال والاقتصاد وتضعه فوق كل اعتبار، حتى تحولت قضية التغير المناخي، مع الزمن، من قضية غير مريحة إلى حد ما، إلى حالة طوارئ عالمية تهدد الحياة البشرية.
المؤتمر الذي مُدد ليوم واحد إضافي انتهى إلى توصل 200 دولة مشاركة فيه إلى اتّفاق عالمي لتسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري والتخلص التدريجي من استخدام الفحم بعد مفاوضات صعبة استمرّت أسبوعين، من دون أن تنجح في تبنّي ما يقوله العِلم لاحتواء الارتفاع الخطر في درجات الحرارة.
رغم الاتفاق، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، من أن الكارثة المناخية لا تزال ماثلة. هذا التحذير يمكن الانطلاق منه لتصور المقبل الذي قد لا يختلف عما سبقه، فكل المؤتمرات السابقة حملت العديد من الوعود من دون أن تلقى طريقها للتنفيذ أو أن تبصر النور بالمعنى الفعلي للكلمة، حتى يمكن النظر الآن إلى “كوب 26″ على أنه مؤتمر وعود تنفيذ الوعود، وهذه النظرة كما يرى مراقبون تبقى قائمة حتى رؤية إجراءات وتطبيقات فعلية على أرض الواقع من شأنها أن تحدث نوعاً من التوازن قبل الانزلاق إلى الهاوية، وذلك ليس من باب التشاؤم ولكن من باب المعطيات المتوفرة، إذ قال المراقبون: الاتّفاق لم يُقدّم ما هو مطلوب لتجنّب الارتفاع الخطير ومساعدة الدول على التكيّف أو تعويض الأضرار الناجمة عن الكوارث المنتشرة على مستوى العالم.
تفاقم قضية التغير المناخي وبلوغها مستويات خطرة، ساهمت به الدول الرأسمالية، من خلال عدم الالتزام بالتمويل اللازم لمساعدة الدول الفقيرة المعرّضة لخطر الجفاف والفيضانات والعواصف جرّاء ارتفاع منسوب مياه البحار، وعلى ما يبدو أن تلك الدول –أي الغنية أو الرأسمالية- لا تنوي المساهمة بالحد مما يتعرض له المناخ، إذ بعد ضغط من تلك الدول بقيادة الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي، حذف نص الاتفاق أيّ إشارة إلى آليّة تمويل للخسائر والأضرار التي تسبّب بها تغيّر المناخ في العالم النامي، وبدلاً من ذلك، تمّ التعهّد فقط بـ”حوار” مستقبلي حول هذا الموضوع.
وقالت شونا أميناث، وزيرة البيئة في جزر المالديف، “بالنسبة إلى البعض، إنّ الخسائر والأضرار قد تكون بداية للتحادث والحوار، مضيفةً: لكن بالنسبة إلينا إنّها مسألة بقاء.
لابد من الإشارة إلى أنه رغم أنّ بريطانيا المضيفة قالت: إنّها تُريد من “كوب-26 أن يُبقي سقف درجة الحرارة 1,5 درجة مئوية في متناول اليَد، قال تقييم علمي للأمم المتحدة الأسبوع الماضي: إنّ أحدث خطط مناخيّة للبلدان يضع الأرض في مسار ترتفع فيه درجة حرارتها 2,7 درجة مئوية.
الأصداء والخلاصات التي وردت من “كوب26” تتلاقى مع النظرة السلبية لبعض المراقبين تجاه المؤتمر، إذ قال لورنس توبيانا، مهندس اتّفاق باريس المناخي لعام 2015: إنّ مؤتمر «كوب26» فشل في تأمين المساعدة الفوريّة للأشخاص الذين يُعانون الآن.. تناغم معه في هذا الرأي الناشطة السويديّة، غريتا ثونبرغ، التي اعتبرت أن ما انتهى إليه المؤتمر لا يعدو كونه “ثرثرة”.