تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الثلاثاء القادم دورة جديدة من مؤتمر المانحين الدوليين، لبحث الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها المؤسسات والمنظمات الفلسطينية، وبشكل خاص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» التي وصلت أزمتها المالية إلى مستوى «التهديد الوجودي» حسب فيليت لازاريني، المفوض العام للوكالة.
وكان لازاريني أكد في مقابلة أجرتها معه صحيفة «الغارديان» البريطانية قبل أيام أن سبب الأزمة المالية لوكالة “أونروا” ليس فقط نتيجة لوجود فجوة كبيرة تقدر بـ 100 مليون دولار في ميزانيتها للعام الجاري، بل لأن نموذج التمويل الخاص بها أثبت أنه قد يؤدي إلى انهيارها في المستقبل.
وأشار لازاريني إلى أن “أونروا” قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات تقشف بهدف الاستمرار في أداء مهامها، داعياً إلى تحويل ميزانيتها الأساسية التي تبلغ حوالي 800 مليون دولار إلى ما سماه بـ«أساس أكثر قابلية على التنبؤ».
وأشار لازاريني أنه سيعرض على مؤتمر المانحين الدوليين التخلي عن النموذج الحالي لتمويل الوكالة، والمتعلق بالمساهمات السنوية، لافتاً إلى أن دول كبرى قلصت من مساعداتها للوكالة، وهو ما أثر بشكل كبير على ميزانية “أونروا” مستشهداً ببريطانيا، ثالث أكبر مانح للوكالة، حيث قلصت مساهماتها بأكثر من ضعفين هذا العام، مقارنة بالعام الماضي.
وحسب مراقبين فإن وكالة “أونروا” ستطرح أمام مؤتمر المانحين آلية دعم جديدة مستدامة وطويلة الأمد من أجل حل الأزمة المالية الراهنة، إضافة إلى مقترح ضم موازنتها لموازنة الأمم المتحدة.
في هذا الإطار يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شئون اللاجئين، أحمد أبو هولي: إن نجاح المؤتمر مرهون بما ستقدمه الدول المانحة من التزامات مالية متعددة السنوات لتأمين تمويل دائم ومستدام قابل للتنبؤ عبر توقيع هذه الدول اتفاقيات تمويلية مع “أونروا” متعددة السنوات.
ويُعقد المؤتمر تحت شعار «الحفاظ على الحقوق والتنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين» بدعوة من الأردن والسويد وسيشهد حضور 30 دولة.
ووفقاً لتصريحات منسق اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين محمود خلف فإن مؤتمر المانحين سيبحث خطة عمل لدعم مستدام، مؤكداً ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه قضية اللاجئين وأن لا يكون هناك عودة إلى سياسة «التنقيط» للوكالة، وتوجيه التهم والإدانات لها بشكل متكرر وغريب.
ويوضح خلف أن “أونروا” تبحث عن دعم مالي دائم.. على الأقل أن يكون لمدة 5 سنوات متواصلة دون انقطاع لتخرج من أزمتها المالية المتكررة والدائمة.
وتحذر مصادر فلسطينية من المخططات الأميركية- الصهيونية لعرقلة طرح خطة الدعم المالي المستدام لوكالة “أونروا” أمام مؤتمر المانحين، خصوصاً وأن الولايات المتحدة كانت الممول الأكبر لـ”أونروا” قبل أن يُوقفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ليعيده جزئياً الرئيس الحالي جو بايدن مقابل شروط مجحفة جداً بحق اللاجئين الفلسطينيين، وهي شروط تقود في نهاية المطاف إلى تصفية قضيتهم، وسلبهم جميع الحقوق، بما فيه حق العودة إلى وطنهم فلسطين.
وبشكل عام تتحمل جميع الدول المانحة مسؤولية الأزمة المالية التي تعصف بـ”أونروا”، فما إن أعلن ترامب قراره وقف التمويل عنها عام 2018 في إطار «صفقة القرن» وبهدف حسم قضايا الحل النهائي من جانب واحد، وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية كلياً.. منذ ذلك الوقت تمثلت العديد من الدول الموقف الترامبي مُعلنة عن تخفيضات متزامنة لحصتها في تمويل “أونروا”، الأمر الذي قاد إلى الأزمة الوجودية التي تعصف بها منذ حوالي العامين.
تصفية قضية اللاجئين من خلال استهداف “أونروا” وصولاً إلى إسقاطها، لم تكن سياسة ترامبية فقط ، بل سياسة أميركية متواصلة منذ تأسيس وكالة “أونروا” عام 1949، باعتبار أن هذه الوكالة هي من يُبقى قضية اللاجئين حيّة، ويجعلها ضمن أساسيات الحل النهائي، وبالتالي يحبط كل مخططات واشنطن لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تصفية قضايا الحل النهائي.