بكثير من الحسرة تستعد العائلات في مدينة حلب لاستقبال فصل الشتاء وهواجس الأجواء الدافئة كما عهدوا بيوتاتهم إلّا أن زمن وفرة مواد التدفئة من المازوت والغاز قد ولّت في حين يجدّون في طلب البدائل بعد ارتفاعها وشحها في الأسواق وتدني مخصصات العائلة عبر البطاقة الذكية إلى حدودها الدنيا.
ورغم أن التقويم الزمني يشير إلى تشرين الثاني أي إن فصل الخير طرق الأبواب إلّا أن الاستعدادات مازالت جارية أو في نهايتها لكنها مازالت الشغل الشاغل لهم هذه الأيام فلا جدوى اقتصادية تسعف الراتب المتهالك لرأب صدع البرد القارس هذا الموسم ويبدو أنه الأكثر برودة وسط مخصصات 50 ليتراً من المازوت المنزلي كدفعة أولى لم يغطِّ توزيع الكميات الضيئلة أرجاء المدينة المشهود لها بطقسها البارد شتاء.
ويتعمد الأهالي قبل هذا الوقت شراء كميات من المازوت المنزلي من أسواق يطلق عليها “السوداء” وهي ذاتها بلونها الداكن قد خبرها الحلبيون على مدار عقد من الزمن في مسعى لتخزينها على مبدأ المثل القائل: «خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود» ورغم ذلك يواجهون كثيراً من الخسائر المالية إن تَوافرت تلك المواد ويروي أحد أفراد الدخل المحدود أن الليترات القليلة التي تجود بها البطاقة الذكية علينا بالتأكيد لن تحل مشكلة التدفئة فهي لا تكفي شهراً واحداً مع كل التوفير المرهق ومع كل شد الأحزمة حول” بيدون المازوت” المنتظر.
في المقابل يعرب رامز البيك “أعمال حرة” عن أمله بشتاء خيِّر تجود فيه السماء علينا بعد السنَوات العجاف وبرأيه أنه استكمل تحضيراته في هذا المجال إذ اتجه لشراء عدة أطنان من خشب الحطب وجلب مدفأة لهذه الغاية في سابقة هي الأولى في منزله ويقول : ليس أمامنا إلّا ذلك بعدما سدت في وجهنا مواد التدفئة من مازوت وارتفع معها سعر أسطوانة الغاز.
وإزاء كل ذلك لا يسع معدمو الدخل أمام جائحة لهيب الأسعار إلّا المراقبة وأن يشدوا الأحزمة أكثر أمام مدافئهم الباردة، فأسعار المازوت في الأسواق تفوق قدرتهم ورهانهم على المدافئ الكهربائية والألبسة الشتوية الصوفية، ويحكي بائع أدوات منزلية جمال عمران عن إقبال ملحوظ لشراء المدافئ بشكل عام رغم ارتفاع أثمانها ولكن الغلبة والكفة المرجحة هي التهافت على العاملة بالكهرباء مع ارتفاع أسعارها بشكل كبير فالمدافىء تتنوع أسعارها حسب أنواعها إلّا أنها زادت 5 أضعاف عن سعرها منذ العام المنصرم علاوة على ساعات التغذية الكهربائية القليلة.
وفي الوقت ذاته يتساءل الناس عن جودة هذه المدافئ التي تعد في أدنى مستويات تصنيعها ويستغرب أحد المشترين لمدفأة من دون ذكر الماركة حصل عليها بسعر 100 ألف ليرة لم تعمل لديه سوى أيام حتى تقطعت الأسلاك وباتت بحاجة إلى إصلاح كيف يحدث ذلك وأين الرقابة؟ وهل لهذه الورشات التي تنتج هذا النَوع من جهات تتأكد من جودة الصناعة.
من جهته يعول مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حلب أحمد سنكري على ثقافة الشكوى لدى المستهلكين وأضاف في حديثه لـ« تشرين» لابدّ أن تتكاتف جهود دورياتنا مع إقدام المستهلك على الشكوى وأن تتعزز أكثر أننا نراقب الأسواق ونظمنا عدة ضبوط بحق مخالفين من أصحاب المدافئ المخالفة للمواصفات ونطالب ببياناتهم.
ويرى مدير التجارة الداخلية أن دورياتنا لا تتوانى عن التحقق من أية مخالفة، مضيفاً “في كثير من الضبوط لابدّ من كتابة الشخص لكتاب خطي أو تصريح لمعالجة الشكوى” مبيناً أن جودة المنتج الوطني يشهد لها بالكفاءة لكنْ هناك متجاوزَون يعملون على الغش بالقطع المصنعة نعمل على ملاحقتهم وإيقاف أعمالهم الخارجة عن الضوابط المهنية والحرفية والمواصفات المعتمدة.
ت-صهيب عمراية