ليبيا أمام انتخابات حاسمة.. فاصلة

تعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية خطوة رئيسية في جهود إنهاء الاقتتال المستمر في البلاد منذ عشر سنوات من خلال تشكيل قيادة سياسية جديدة تحظى بالشرعية المطلوبة وتحقق الأمن والاستقرار. ومن المقرر أن تشارك في هذه الانتخابات عشرات الأحزاب الجديدة في الوقت الذي أعلن فيه أعضاء في المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عن خشيتهم من إجراء الانتخابات وفق قوانين أُقرت بضغوط خارجية، ما سيولد دكتاتوريين جدداً.

وفي السياق قال رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، خلال مؤتمر صحفي قبل أيام: “ستكون البلاد دائرة انتخابية واحدة يتنافس فيها كل المرشحين للانتخابات الرئاسية، والفائز هو من يحصل على 50 بالمئة + 1 من الأصوات خلال الجولة الأولى، ويُلجأ للجولة الثانية إذا لم يتحصل أي مرشح على هذه النسبة”.

وتابع: “يتنافس في الجولة الثانية المرشحان الحاصلان على أكثر الأصوات في الجولة الأولى”، لافتاً إلى اعتماد الانتخابات النيابية على النظام الفردي، حيث تُقسم البلاد إلى 75 دائرة، ويفوز المرشح الحاصل على أكثر الأصوات بدائرته.

ويأتي سعي المفوضية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على الرغم من مطالبة مجلس الدولة للمفوضية بوقف العمل بقوانين مجلس النواب ونيته الطعن بها.

وأوضح المقال أن المجلس الأعلى للدولة وهو مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية أسست في ليبيا بعد «اتفاق الصخيرات» عام 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف بهدف وضع حد للحرب والانقسام السياسي في البلاد، لافتاً إلى أنه لأول مرة في ليبيا سينتخب الليبيون رئيساً للبلاد عبر الاقتراع المباشر..

من جهة أخرى أعلن سياسيون في العاصمة طرابلس تشكيل حزب جديد باسم “الحزب الديمقراطي” بهدف المشاركة في الانتخابات، حيث تجاوز عدد الأحزاب الجديدة التي تقدمت لوزارة العدل بطلب الحصول على ترخيص لممارسة العمل السياسي 200 حزب موزعين في كافة الأراضي الليبية.

وحسب عبد الحكيم بالخير، عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات، لم يتم استلام التعديلات التي من المفترض أن تصل من مجلس النواب، متوقعاً أن تصل خلال أسبوع.

ورداً على سؤال حول منع قانون الانتخابات البرلمانية للأحزاب بالتقدم عبر القوائم، قال بالخير: كنا نتمنى أن يكون هناك قوائم في القانون الانتخابي البرلماني من أجل مشاركة الأحزاب بدل النظام الفردي، إلا أن الظروف التي تشهدها ليبيا أدت إلى اعتماد قانون الترشيح الفردي.

واعتبر بالخير أن القانون الانتخابي البرلماني صريح، ويمكن للأحزاب تسمية المرشحين للدخول فردياً في انتخابات البرلمان، مؤكداً أنه من باب الشفافية مع الناخبين يفترض على المرشحين التصريح بانتمائهم الحزبي من دون أن يلزمهم القانون بذلك.

وحول اختلاف القوانين والإجراءات عن الانتخابات الماضية قال بالخير: إن المفوضية استحدثت بطاقة ناخب سيتم توزيعها لإلزام الناخبين بإحضارها في يوم الانتخاب، لافتاً إلى أن القوانين البرلمانية أقرت كما هي في القانون رقم/ 10/ بينما قانون انتخاب الرئيس في ليبيا جديد كلياً، إذ سيتم انتخاب رئيس ليبيا بالاقتراع المباشر.

ويذهب المقال إلى القول إن الأزمة الليبية معقدة للغاية، فهي ليست مسألة تتعلق بمجرد الانتخابات أو ديمقراطيتها، لأن الشعب الليبي بالأساس غير مسيس منذ عهد السنوسيين، مروراً بعهد القذافي، مروراً بالعديد من المؤتمرات التي حاولت إيجاد مخارج وتسويات، ففي عقد من الزمان، منذ 2011-2021، سجلت عدد هذه المؤتمرات رقماً قياسياً وبما يؤهلها لدخول موسوعة غينيس بسهولة. هذا الأمر يبدو للوهلة الأولى ملفت للنظر، فالأزمة الليبية منذ عام 2011 أصبحت مسألة دولية سواء بالقرارات الأممية أو بالتدخل في شؤونها، ما يعكس صراع مصالح ونفوذ إقليمي ودولي واسع حول ليبيا، وهو ما أجج الانقسام وجعلها ساحة للقتال، لتنتشر على أرضها ميليشيات متضاربة متقاتلة مرجعيتها قوى خارجية.

وفي السياق أيضاً أشارت «الغارديان» في مقال تحليلي لها إلى أن كل المؤتمرات عقدت خارج البلاد وفي عواصم تعمل على تكريس نفوذها في ليبيا عبر عقد مؤتمر أو أكثر على أرضها، وهذا ما أفشل تحقيق هدف الاستقرار والأمن وإعادة بناء الدولة.

وتابع المقال: لقد حاولت ألمانيا أن تلعب دور الوسيط أو الطرف الثالث في الأزمة الليبية عندما استضافت عاصمتها برلين مؤتمراً على مرحلتين، ليخرج بقرارات مهمة على رأسها التوافق على تشكيل حكومة مؤقتة تقود مرحلة انتقالية حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الـ24 من كانون الأول المقبل، وشدد المقال على أهمية اتخاذ التدابير والاستحقاقات اللازمة لبناء الثقة وخلق بيئة مناسبة من أجل عقد الانتخابات بشكل نزيه وشفاف وجامع، وبما يقود إلى إنهاء الاقتتال وتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.

وحسب المقال نفسه فإن تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية أمر ضروري لإرساء الاستقرار في ليبيا وتحقيق المصالحة السياسية فيها، إذ تعبر هذه الانتخابات عن رغبة الشعب الليبي التي أظهرها بوضوح في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي انعقد منتصف هذا العام والذي حظي بدعم مجلس الأمن الدولي، وكان من أهم مخرجاته التوافق على إجراء الانتخابات.

باختصار ما من شك أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية الليبية إذا ما تمت بسلاسة ووصلت خواتيمها السعيدة، ستكون حجر الزاوية في إرساء الاستقرار وعودة الحياة السياسية بصورة أفضل إلى ليبيا.

عن «موقع الدراسات الإستراتيجية العالمي»

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار