تحتد المنافسة الدولية بين الغرب والشرق، في ظل الصعود المتنامي السريع للصين، إلى جانب الاستقرار الذي يشهده الاتحاد الروسي، وتنامي قوته.
وفي سياق المنافسة وإثبات الوجود يسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز تواجده في العالم من خلال تحالفات متعددة، ومسارات مختلفة، مازال معظمها يسير بخطا بطيئة جداً. وكان لقرارات بروكسل السماح لدول البلقان الانضمام للاتحاد أو عقد اتفاقات مشتركة أهم هذه التحالفات.
وفي خضم التحولات الدولية المرافقة، تسيطر على أعضاء البرلمان الأوروبي فكرة غوغائية وذلك مع ظهور أي أزمة سياسية حقيقية، وهذه الفكرة، هي التوسع. حيث بدأ الحديث مؤخراً عن موجة جديدة من دول البلقان المرشحة للانضمام. كما وعدت رئيس المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لاين، شخصياً بمساعدة هذه الدول لدخول نادي الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر الكثير من المحللين الإستراتيجيين أن الفكرة التي تقول إن زيادة عدد أعضاء الاتحاد الأوروبي، توسع من قوته وتأثيره، هي فكرة مغلوطة وغير صحيحة. ورغم ذلك في عام ٢٠٠٤ توسع الاتحاد الأوروبي ليصبح ٢٥ دولة من ضمنها دول أوروبا الشرقية.
كما انضمت قبرص ومالطا.. وكانت خطوة اعتبرتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تتويج لمرحلة عمل قادمة. لكن على أرض الواقع لم يتغير الكثير بالنسبة لأوروبا، وحسب هؤلاء المحللين، يكمن السبب الرئيسي في مسار وطبيعة عمل الاتحاد وهيئاته المنضوية تحت الإرادة الغربية الأميركية على وجه الخصوص.
وبينما اعتبرت الإدارة الأوروبية في بروكسل خطوة التوسع، خطوة مهمة لإعادة التوازن للاتحاد، بحيث يمكن حل ما يسمى “المحور الفرنسي الألماني” القديم، بدا واضحاً أن ما تم حله هو الصراع على السلطة بين هذين العملاقين في الاتحاد، والأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي من ألمانيا ببساطة والاستيلاء على كل السلطة، وإيهام باريس بأنها نائب يحظى باحترام كبير في عملية صنع القرار.
ويزداد الاستياء الأوروبي من مسار العملية السياسية، وطبيعة المواجهة الدولية الضعيفة، لاسيما بعد خروج بريطانيا، والمحاولات الحالية للتعويض بدخول دول أوروبية شرقية، تعتبرها النخبة الدولية، بلدانا فقيرة ومتخلفة، والذي يؤكد أن متلازمة “حافة أوروبا” الأكثر قتامة، تهدد مشروع الاتحاد بالفساد والجريمة المنظمة.
وحاول قادة الاتحاد الأوروبي طمأنة نظرائهم في البلقان خلال قمة سلوفينيا الأخيرة، بشأن مسار ضمها للاتحاد لكن من دون تحقيق أي تقدم ملموس في الملفات المجمدة.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل صرحت في أيلول الفائت خلال زيارة لها إلى بلغراد أن انضمام دول البلقان للاتحاد الأوروبي يخدم مصلحة الاتحاد الجيوستراتيجية.
ويضاعف التململ الأوروبي بشأن فتح الاتحاد أبوابه لهذه الدول من احتمال اختيار بعضها تعزيز التحالف والشراكة مع روسيا والصين.
ويذكر أن البلقان تاريخياً كان دائماً مسرح صراع على النفوذ بين الغرب وروسيا، إلا أن تأثير الصين يتبدى أكثر مؤخراً.
ويربط بعض المحللين هذه المنافسة المحتدمة على النفوذ في البلقان للتردد الأوروبي.
وكما أسقطت فرنسا وألمانيا محاولات انضمام تركيا على أعقاب الآثار المترتبة للهجرة. ستعمل مفوضية الاتحاد الأوروبي نفسها بسحرها المظلم والقاتم، وما يرتبط بالسماح بدخول بلدان البلقان لأول مرة، سيتعين على كل مؤسسات الاتحاد الترحيب بآلاف المسلمين ودمجهم بهيئات الاتحاد، وما يرتبط أيضاً بحاجاتهم وتقاليدهم، والتي ينظر إليها بدونية وسلبية معروفة. وبالتالي التأقلم مع جملة التحولات في المنطقة الأوروبية الشرقية والدولية عموماً.
عن «إستراتيجيك كالتشر فاونديشن»