لا تزال وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية تركز، في تقاريرها ومقالاتها التحليلية، على المناقشات الدائرة داخل الإدارة الاميركية حول التخلي عن سياسة الضربة النووية الوقائية/الاستباقية، والتي تستهدف بشكل أساسي روسيا والصين، اللتين تعدّهما الولايات المتحدة الخصمين الاستراتيجيين لها، وتقود حملة تحريض دولية ضدهما.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أطلق خلال حملته الانتخابية تعهداً بالحد من دور الأسلحة النووية، والتحول عن سياسة الضربة النووية الاستباقية، والاستعاضة عنها بسياسات أخرى لمواجهة القوة المتعاظمة لكل من روسيا والصين.
وحسب موقع «بوليتيكو» الأميركي، فإن تعهد بايدن الآنف الذكر يلقى مقاومة متزايدة من مسؤولي البنتاغون وحلفائهم الصقور، الذين يريدون الحفاظ على الوضع الراهن في مواجهة الأسلحة الروسية والصينية التي تشهد تطوراً «بأسرع من المتوقع» وعلى كل المستويات، حسب هؤلاء.
و يستعد كبار مستشاري الأمن القومي، خلال هذا الشهر، لعقد عدة اجتماعات على أعلى المستويات، لمراجعة الشروط التي قد تلجأ بموجبها الولايات المتحدة إلى استخدام الأسلحة النووية، وبين الخيارات تبنّي سياسة «عدم الاستخدام الأول» أو الإعلان عن أن «الغرض الوحيد» للترسانة هو ردع نزاع نووي، وعدم استخدامها في حرب تقليدية، أو هجوم استراتيجي، أو هجوم إلكتروني.
ورغم أن المتخوفين، يؤكدون أنه يمكنهم الاعتماد على خبرة بايدن الممتدة على مدى عقود، حيث سيختار في النهاية الإبقاء على السياسة النووية كما هي، إلا أنهم في الوقت ذاته يحذرون من الاستشارات التي ستقدم له، والتي ربما تكون في غير محلها، وبالتالي يمكن أن يتخذ قراراً مخالفاً، باتجاه اعتماد سياسة نووية جديدة، وبما يفتح المجالات أكبر أمام روسيا والصين لتزيحا الولايات المتحدة عن قمة القوة العالمية العسكرية (بعد الاقتصادية) وفق تصريحاتهم.
وحسب فريق من المراقبين فإن وزارة الدفاع الأميركية« البنتاغون» حتى الآن، لا يبدو أنها بصدد منح بايدن الكثير من الخيارات، حيث قال أحد مسؤوليه: «ليس من المحتمل أن يتم تقديم الغرض الوحيد أو عدم الاستخدام الأول».. بمعنى أنه لن يكون ضمن المقترحات أو الاستشارات المقدمة للرئيس بايدن ما يتضمن التحول من الضربة النووية الاستباقية إلى سياسة «عدم الاستخدام الأول».
وكان المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي قال في وقت سابق رداً على سؤال حول دور البنتاغون في المناقشات:« إن البنتاغون يشارك في عملية شاملة» مؤكداً أن قرار البت في السياسة النووية يعود في النهاية إلى الرئيس الأميركي.
ويرى المؤيدون أن إعلان الولايات المتحدة أنها «لن تضرب أولاً» من شأنه أن يقلل التوترات النووية وربما يقلل من سباق التسلح، بحجة أن الغموض الحالي يمكن أن يزرع الارتباك في حال صدور تحذير كاذب قد يؤدي إلى حرب نووية عرضية.
لكن المحللين لا يتفقون مع هذا الرأي وإنما يعيدون المسألة كلها إلى حالة التقهقر الذي تشهده الولايات المتحدة لمصلحة روسيا والصين، بحيث لم تعد تنفع معه السياسة النووية الحالية (ومجمل السياسات الأمريكية القائمة).. مؤكدين أن المراحل المقبلة ستشهد مناقشات متوالية لتغيير كامل السياسات وليس النووية فقط .
قد يعجبك ايضا