على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا والمقررة في 24 كانون الأول المقبل، إلا أن الغموض لا يزال يلف المشهد ليبقى الباب مفتوحاً على الكثير من الاحتمالات والتداعيات، ولاسيما في ظل تضاربات داخلية متعلقة أساساً بقانون الانتخابات وشروط الترشيح، إلى جانب تضاربات خارجية إن خفت دورها قليلاً في الراهن لكنها يستحيل أن تغيب عن المشهد الليبي.
ركيزتان مهمتان في المشهد الليبي حالياً، وهما الانتخابات وقضية خروج المرتزقة، علماً أن الركيزة الثانية هي أحد الأسس التي سيبنى عليها جزءاً من الاستقرار الأمني الليبي، ليلاقيه الاستقرار السياسي غداة إتمام مرحلة الانتخابات وتوحيد المؤسسة العسكرية ثم الخوض في مسار لملمة الفوضى والانقسامات وإعادة ليبيا إلى سابق عهدها قدر المستطاع، بجهود داخلية بعيداً عن الأيادي والتدخلات الخارجية.
آخر ما توصل إليه في موضوع إخراج المرتزقة، إصدار اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” الخاصة بليبيا –خلال اجتماعات استضافتها القاهرة على مدى ثلاثة أيّام، بمشاركة ممثّلين عن السودان والنيجر وتشاد- بياناً حول خطة العمل لخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
ويتضمّن التصوّر الذي تمّ التوافق عليه، جمْع قوائم بأسماء جميع الميليشيات، ووضْع جدول زمني لمغادرتها تباعاً، على أن يجري التعامل معها بشكل مباشر، من خلال ممثّلين عن اللجنة، إضافة إلى جدول زمني لخروج أو إيقاف أنشطة جميع المسلّحين، تمّ تحديده في الربع الأوّل من عام 2022، على أن تسرّع وتيرة الخروج في الأسابيع التي تسبق الانتخابات، بما يشمل تسليم الأسلحة.
خصوصية الاجتماعات التي تمت بحضور ممثلي دول السودان وتشاد والنيجر وباستضافة من مصر وبتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تنطلق من ضرورة التنسيق لإيجاد أرضية مشتركة تمكن هذه الدول من التعاون المشترك للبدء بخطوات عملية على الأرض لخروج كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين ينتمون لتلك الدول، فاستقرار ليبيا لابد أن ينعكس استقراراً على كافة دول الجوار، ولاسيما مع معرفة أن آلاف الأجانب من غير الليبيين يوجدون في الجنوب الليبي، من الجنسيتين التشادية والنيجيرية، وبعض الجنسيات الأخرى من الدول الإفريقية، وبالتالي الإرهاب لن ينحصر في بقعة جغرافية محددة.
الركيزة الأساسية الأخرى في المشهد الليبي، هي الانتخابات، فالجدل القائم هو حول موعدها وعملية الترشح أفرز العديد من الإشكاليات ما يفتح الباب واسعاً لخلافات جديدة ليست بالبسيطة، والذي حرك هذا الجدل المعلومات المتعلقة بترشح رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد دبيبة، رغم نص الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه (في ختام جلسات الحوار الليبي الليبي) بعدم ترشح أي من أعضاء القائمة الفائزة لإدارة شؤون البلاد في الفترة الانتقالية.
بكل الأحوال، لا يمكن الجزم بما ستؤول إليه التطورات من اليوم حتى 24 الشهر المقبل (الموعد المفترض لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية) وما بعده، فمسار الاستقرار في ليبيا لازال طويلاً، ووجود خريطة طريق للحل لا يكفي من دون تطبيق كافة بنودها، فالقراءة الصحيحة للمشهد هناك تبقى رهن أي مستجدات.