ما ميز معرض الباسل للإبداع والاختراع في دورته العشرين المشاركة الواسعة من فئة الشباب من طلاب الجامعات الحكومية والخاصة واليافعين في المرحلتين الثانوية والتعليم الأساسي، وتقديمهم مقترحات وحلولاً للكثير من المشكلات التي يعاني منها المواطنون، مؤكدين أن الحرب الإرهابية على سورية لم تحد من طموحاتهم، ولن تكون عاملاً مثبطاً لعزيمتهم في التميز والإبداع.
المعرض الذي احتوى على 276 عملاً مبتكراً في سبعة مجالات في الدورة العشرين التي نظمتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتعاون مع جمعية المخترعين السوريين والمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية كانت كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق مسرحاً له قدم المشاركون فيه أعمالهم على مدى عدة أيام، وكانت جل أعماله في مجال التكنولوجبا بواقع 117 عملاً يليه مجال الكهرباء 52 عملاً ثم المجال الطبي 45 والهندسة الميكانيكية 29 والكيمياء 14، إضافة إلى عشر مشاركات في إعادة الإعمار، وتسع ضمن مجال التصميم والإنتاج والإنشاءات الثابتة.
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية المهندس عمر الجباعي بيّن لـ«تشرين» أهمية مشاركة الطلبة في المعرض من خلال 120 طالباً وطالبة من مختلف الجامعات الحكومية والخاصة، ما يعكس مدى حرصهم على وطنهم ورغبتهم الأكيدة في البحث عن الحلول للمشكلات في مختلف القطاعات الإنتاجية والصناعية والزراعية وغيرها، من خلال الاختراعات التي تقدموا بها في ورشات العمل أو مشاريع تخرجهم، فيبرزون إبداعاتهم ليكونوا منتجين مساهمين في إعادة إعمار الوطن على أكثر من صعيد.
بينما قدم الطبيب البيطري باسم أحمد هذا العام جهازاً لتهوية مياه الحوض السمكي بالاعتماد على الطاقة الشمسية، مضيفاً: لكوني من المهتمين بتربية الأسماك وصحتها، خصوصاً أن المربي تكون لديه تكاليف كبيرة من خلال سعيه لتأمين المازوت والبنزين والكهرباء بصعوبة بالغة، ومن هنا جاءت الفكرة لتهوية الحوض السمكي، وتوفير التكاليف المادية العالية، فالجهاز الجديد يعتمد على الطاقة الشمسية، التي يحولها إلى بطارية كهربائية تغذي مولداً كهربائياً موصولاً مع مروحة تقوم بخلط ماء الحوض السمكي مع الهواء الجوي، فنوفر التغذية والأوكسجين اللازم للمياه في الحوض، ويكون السمك بصحة جيدة، ونحصل على منتج بتكاليف مادية أقل، كما نوفر الكثير من تكاليف الطاقة على المربين، وأيضاً العملة الأجنبية لاستيراد متطلبات حوامل الطاقة.
غنوة علي إسماعيل (الخريجة الأولى على دفعتها في تقانات اتصالات من الكلية التطبيقية في جامعة تشرين) تحدثت عن مشاركتها في محور التكنولوجيا بمشروع لتحديد الموقع، وتفادياً لحوادث السرقة والضياع أو أي خطب كمريض الزهايمر على سبيل المثال، ومن يزود بهذا الجهاز ذي الحجم الصغير والتكلفة القليلة يرسل رسالة عادية من دون إنترنت خلال ثوان، ويتم على أثرها تحديد المكان، وهناك إمكانية لتطوير الجهاز في أكثر من مجال كمراقبة حركة اضطرابات القلب عند المريض على سبيل المثال.
وأشارت دعاء أندرون وأناغيم علوان من الكلية التطبيقية لجامعة تشرين إلى التطبيق المنجز من قبلهما، والمتمثل بتكسي أونلاين والذي يضم واجهتين واحدة للزبون وواحدة للمكتب التكسي، ويتم عبرهما تحديد المكتب التكسي الأقرب للزبون للانتقال إلى المكان الذي يريده، وقد اعتمدنا على لغات البرمجة، وقمنا بالتجربة من خلال أحد المكاتب، من خلال تحديد المكان عبر الخريطة الخاصة بمكاتب التكسي، وإمكانية الدفع الإلكتروني وقائمة الحظر لمن لا يلتزم بالدفع أو غيره.
الدكتور شادي الخطيب – رئيس الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي عضو هيئة تدريسية في جامعة المنارة تحدث عن مشاركته مع فريق عمل جماعي في معرض الباسل ببراءة اختراع مشتركة مع د. علا مصطفى- رئيس قسم الأدوية والسموم بكلية الصيدلة بجامعة البعث بعنوان «ترياق عشبي للتخلص من سموم المعادن الثقيلة في الجسم».
وفي المسابقة الوطنية للابتكار ببحثين: الأول مع فريق بحث عن الوردة الشامية بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية ضمن خطة صون تراث استخدام الوردة الشامية بعنوان «تقييم فعالية مستحضر صيدلاني ومعجون أسنان يحتوي على خلاصة الوردة الشامية وقشور الفستق الحلبي كمرقىء للنزف ولعلاج تراجع اللثة ورائحة الفم غير المستحبة»، ومشاركة كل من الدكاترة إبراهيم تركماني، محمد كردوش، عمر الجباعي، علا مصطفى، خالد تركماني، نبيل القصير.
والثاني بحث لفريق من جامعات دمشق وحلب والبعث وتشرين لابتكار علاج طبيعي مساعد لـ«كوفيد ١٩» من جزيئات نانوية للعكبر السوري معدة كحلالة هوائية للتطبيق بشكل رذاذ، وقد شارك في البحث كل من الدكاترة محمد عصام حسن آغا، وسيم عبد الواحد، عدوية قيطاز، وليد خدام، أحمد قره علي، علا مصطفى.
وعبر حسان أحمد خليفة الحائز على الجائزة الأولى في محور الكيمياء مع المهندسة صفاء عادل شحود عن سعادته بالفوز في الجائزة الأولى، مؤكداً أنه من مربي دود الأرض ومنتج سماد «الفيرمي كومبوست» منذ عام 2017 وهو أول من أدخل ذلك إلى سورية، وقد لاقى عملي دهشة كبيرة لدى الزائرين الذين لم يكونوا يعرفون شيئاً عن أهمية ذلك، ومنعكساته الإيجابية على التربة وفي الحصول على منتج طبيعي خال من تأثير المبيدات الكيميائية وبديلاً عنها في عمليات التسميد للمحاصيل الزراعية، مضيفاً: حرصت خلال فترة المعرض على شرح أدق التفاصيل عن فوائده ومنعكساته على المزارع ومزروعاته وأشجاره، لكونه سماداً عضوياً حيوياً ومخصباً للتربة، فالزراعة العضوية النظيفة أصبحت الشغل الشاغل للعاملين في القطاع الزراعي في دول العالم المتطور، وهي السبيل الوحيد للحفاظ على صحة الإنسان والحيوان على حد سواء، وتالياً تدوير النفايات البلدية بما يحافظ على صحة الإنسان وطعامه، وإيجاد البدائل الطبيعية عن الأسمدة الكيميائية ذات الأثر الضار والسام في الطبيعة. ومقابل الحرب الظالمة على الوطن وما تعرضت له أراضينا الزراعية وانخفاض معدلات الإنتاج أصبح لزاماً علينا رفع مستواها الإنتاجي والنوعي والصحي، وإيجاد البدائل الرخيصة لزيادة الإنتاج وتقليل الأضرار الناجمة عن استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات، والتخلص من ضررها على الإنسان والحيوان والتربة والمياه والبيئة. ولذلك قمنا بعمل هذا المشروع البسيط ونتمنى أن يغطي كل أراضي الجمهورية العربية السورية.
وأضاف خليفة: إن التوجه في استخدام الأسمدة الكيميائية من قبل الفلاحين والمزارعين لغرض زيادة الإنتاج على حساب النوعية والجودة أصبح شائعاً في بلدنا، والإفراط في استخدامها من دون دراية بمخاطرها الصحية والبيئية، ومخاطرها الجانبية على تلوث التربة والمياه، وكذلك مخاطر كل المخلفات العضوية في المزارع والمدن وجعلها بيئة لنمو كثير من المسببات المرضية للإنتاج والإنسان والحيوان وصعوبة التخلص منها، أو تدويرها بسبب التكاليف العالية لجمعها ونقلها وإتلافها.
وبيّن خليفة أن مشروعه يهدف إلى إنتاج المحاصيل الزراعية بأسلوب الزراعة العضوية من خلال استخدام المادة المنتجة من تربية دود الأرض، والبدء بإنتاج محاصيل الخضر والفواكه، التي هي أساس المائدة السورية لتحقق عدة أهداف أهمها الابتعاد عن الاسفنجة والمبيدات الكيميائية وتلوث التربة، والحصول على الطعم والجودة العالية، وتدوير المخلفات العضوية واستخدامها كأسمدة نافعة بعد التهامها من قبل الديدان، والتخلص من أضرارها الصحية والبيئية.
وعبرت المهندسة صفاء شحود عن سعادتها بالحصول على الميدالية الذهبية والمركز الأول بالمشاركة مع حسان خليفة صاحب أول مزرعة لإنتاج الدود والفيرمي كومبوست وأهمية ذلك في الحفاظ على بيئة نظيفة وإنتاج طبيعي خال من المواد الكيميائية.
وتحدثت الدكتورة عائشة خلف (من جامعة حلب – اختصاص كيمياء) عن اختراعها المتعلق بتحويل النفايات المطاطية المستهلكة للريدينات القادرة على تنقية المياه الصناعية والزراعية والصرف الصحي بمعالجات كيميائية، منوهة بأنه منتج صناعي منافس للمنتجات التجارية وصديق للبيئة، وبتكاليف مادية أقل.
وقالت علياء محمد هندي (طالبة الدكتوراه في قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة حلب) عن اختراعها جهاز العزل الكهربائي الذي قامت بتصميمه: يهدف الجهاز لتحويل المحاليل البوليميرية إلى ألياف من مرتبة “النانو”، وهذه التقنية حديثة ومتطورة، ونقوم بإدخالها إلى سورية من خلال هذا الجهاز ولها تطبيقات عديدة من بينها استخدامها كفلاتر لتنقية الماء من الجراثيم والميكروبات، كما يمكن استخدامها ككمامات للوقاية من فيروس كورونا أو غيره من الفيروسات، وهناك تطبيق جديد يتمثل في اللصاقات الطبية على الجلد مباشرة أو المكان المصاب، بدلاً من تناول الدواء عن طريق الفم إذا كان لدى المريض مشكلة في المعدة.
وأشار محمود رحال من جامعة البعث لكلية الهندسة المعلوماتية إلى مشروعه حول التعرف على الوجوه باستخدام تقنيات الذكاء الصنعي من أجل تحديد هوية المستخدم الموجود أمام الكاميرا، واستخدام ذلك في تسجيل دخول الموظفين، وبصمة الوجه بدلاً من بصمة اليد، وكشف الحالات الأمنية لأن الشخص لا يستطيع تغيير وجه.
وتحدث الدكتور بشار سويد عن تعاون كامل لأول مرة بين ثلاثة اختصاصات هي هندسة الـ«It» من خلال استخدام نظم ذكية والتحكم باستخدام الحاسب والهندسات المدنية والإنشائية والمعمارية لمحاكاة الزلازل في أي منطقة قبل البناء وتلافي أي اهتزاز لتصميم برج عال، ويقوم الابتكار على تقاطع هذه الاختصاصات الثلاثة مع بعضها، والاستفادة منها في عملية البناء والتعامل مع الزلازل في أي منطقة وفق معايير محددة، وبيّن بلال قاوقجي (خريج هندسة اتصالات وإلكترون من جامعة القلمون) أهمية الجهاز المصنع على أرض الواقع وإمكانية تطبيقه على مختلف المناطق في سورية.
ت – عبد الرحمن صقر