فرنسا تعود أدراجها

لقاء بايدن- ماكرون بعد أزمة «أوكوس».. يا دار ما دخلك شر!

اتصال هاتفي.. ثم لقاء.. ثم إعلان عن عودة المياه إلى مجاريها «ويا دار ما دخلك شر». هذا ما كان من شأن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون اللذين التقيا يوم أمس الجمعة في العاصمة الإيطالية روما عشية قمة العشرين التي تنعقد اليوم.

أي من الجانبين الأميركي أو الفرنسي، لم يعلن عن تفاصيل يستطيع المراقبون من خلالها استشفاف ما جرى خلال اللقاء- الذي هو الأول من نوعه بعد أزمة اتفاق «أوكوس»- باستثناء العنوان الأبرز الذي تركز على أن «مصالحة» من نوع ما جرت، ليخرج كل من بايدن وماكرون بعبارات المديح والثناء كل منهما للآخر حتى بدا وكأن فرنسا “ما أقامت الدنيا ولم تقعدها” ولم تهدد وتتوعد بعد ذلك الاتفاق الذي وصفته بـ«طعنة في الظهر ستحتاج إلى وقت طويل لتزول آثارها».

فعلياً، لم يمضِ وقت طويل (شهر ونصف) لتعود فرنسا أدراجها، وتدعي أن ما فات مات وأن المهم هو «ننظر إلى المستقبل». هكذا تحدث ماكرون، مضيفاً: إن اللقاء مع بايدن هو مفتاح التطلع إلى المستقبل.

وأشاد ماكرون بقرارات بايدن الأخيرة، التي تتعلق بدعم أمريكا لفرنسا «في حربها على الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي» ما دفع المراقبين إلى الاستنتاج بأن بايدن ربما قرر الإبقاء على التواجد العسكري الأميركي في تلك المنطقة إلى جانب القوات الفرنسية، وذلك في سعي منه لتجاوز الخلافات مع فرنسا التي وصفها في تصريحات له بعد اللقاء بأنها «الحليف الأقدم والأكثر ولاء للولايات المتحدة» مضيفاً: إن بلاده ستبقى دائماً إلى جانبها وستعملان سوياً لتعزيز الشراكة بينهما في كل المجالات بما فيها منطقة الساحل الإفريقي.

ومن المعروف كم هي منطقة الساحل الإفريقي مهمة جداً لفرنسا التي أعربت عن قلقها مرات عدة من سلسلة تقارير تحدثت عن أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من تلك المنقطة قريباً، حيث ترى فرنسا في ذلك الانسحاب إضعاف لموقعها في المنطقة وتهديد لقواتها المتواجدة فيها والتي يبلغ عديدها 4500 جندي.

وإذا ما كان استنتاج المراقبين صحيحاً، فهل هذا يعني أن فرنسا اكتفت بهذه الخطوة الأميركية، أم إن هناك خطوات لاحقة، ربما من بينها الانضمام إلى اتفاق أوكوس والتعويض عليها مالياً لخسارتها صفقة الغواصات مع أستراليا لمصلحة صفقة غواصات نووية أميركية ضمن اتفاق أوكوس الذي لم يخفِ أطرافه الثلاثة، الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، أن هدفه هو الصين.

بالتوازي، توقف المراقبون عند جملة لبايدن قال فيها: إن «ما حدث من طرفنا كان عملاً أخرقاً دون قصد». فهل كان يقصد صفقة الغواصات، أم الدخول في اتفاق أوكوس، أم تجاهل ضم فرنسا إلى هذا الاتفاق، أم أن الجملة هي مجرد تلطيف و«تطييب خاطر» لماكرون أمام الكاميرات.

ربما لا يهم القصد، فقد يكون مجرد سهوة من بايدن الذي لا يخلو أي نشاط له منها، وقد تكون بلا معنى وبلا هدف.. المهم في الأيام المقبلة مراقبة الخطوات التي ستتبع لقاء بايدن وماكرون، خصوصاً على الجانب الفرنسي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار