تفرز أحداث السودان تداعيات خطيرة كما كان متوقعاً، حيث باتت المواجهات الدامية هي سيدة الموقف في ظل دعوات للتصدي القوي للانقلاب العسكري والوقوف على ثوابت الانتقال السلمي للسلطة إلى الأطراف المدنية وإلغاء الحكم العسكري.
التحرك العسكري والانقلاب الذي قادته قوى عسكرية ضد حكومة حمدوك ورؤساء الأحزاب المؤيدة لها سخن المشهد السوداني وقاد إلى عصيان مدني دعت إليه قوى التغيير والحرية إضافة إلى تظاهرات رافضة ذلك الانقلاب الذي وصفته الأطراف المدنية بالغادر.
واليوم قال تجمع المهنيين السودانيين: إن موظفي شركة النفط الوطنية أعلنوا الانضمام إلى العصيان المدني رفضاً للانقلاب.
وكان تجمع المهنيين السودانيين وأحزاب أخرى قد دعت عقب الانقلاب مباشرة إلى الخروج إلى الشارع والتصدي للانقلاب العسكري والوقوف على ثوابت الانتقال السلمي للحكم المدني.
وفي تطورات الأحداث أيضاً قال مكتب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بأن حمدوك وزوجته عادا إلى مقر إقامتهما في الخرطوم، تحت حراسة مشددة، في حين أنه لا يزال عدد من الوزراء والقادة السياسيين قيد الاعتقال في أماكن مجهولة.
وقال مسؤول عسكري سوداني، طلب عدم ذكر اسمه، إنه تمت إعادة رئيس الوزراء السوداني المقال عبد الله حمدوك إلى منزله في الخرطوم، وتأمين المنزل، مضيفاً: “تمت إعادته إلى منزله في كافوري، واتخاذ إجراءات أمنية حول المنزل.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، مكان وجود رئيس الوزراء المعتقل عبد الله حمدوك، كاشفاً موعد إطلاق سراحه وعودته إلى منزله.
في غضون تتواصل ردود الفعل الدولية حيث أكدت ألمانيا دعمها لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ووصفت الأحداث الأخيرة في السودان بأنها انقلاب عسكري وتطور كارثي.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إن الانقلاب العسكري في السودان يعتبر تطوراً كارثياً للأحداث ويضع البلاد في حال خطير ويثير الشكوك بشأن المستقبل السلمي والديمقراطي للسودان، الذي بذل المجتمع الدولي جهوداً كثيرة في سبيله.
وأضاف: أدين بشدة أعمال العسكريين المشاركين في الانقلاب، الذين احتجزوا حمدوك وأشخاصاً آخرين بصورة غير شرعية، واستخدموا القوة ضد من نزلوا إلى الشوارع للدفاع عن الديمقراطية في السودان.
وأكد ماس أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان وأنصاره لا يجوز أن يكونوا عقبة في طريق الديمقراطية، مؤكداً دعم ألمانيا للشعب السوداني وحمدوك.
ودعا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين أثناء سيطرة العسكريين على السلطة فورا، محذراً من أن الوضع في السودان ستكون له عواقب خطيرة على الجهود الدولية، التي كانت ألمانيا تدعمها وتنسقها في الفترة الأخيرة، وأن ألمانيا لن تواصل جهودها في الظروف الحالية، مشيراً إلى أن برلين تنسق خطواتها اللاحقة مع الشركاء.
بدوره رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بإطلاق سراح رئيس الوزراء، مجدداً دعوته للقوات العسكرية السودانية للإفراج عن جميع القادة المدنيين المحتجزين والتأكد من سلامتهم.
وأعرب بلينكن في حديث له مع حمدوك، عن قلقه العميق إزاء استمرار استيلاء الجيش على السلطة وكرر ضرورة أن تمارس القوات العسكرية ضبط النفس وتجنّب العنف في الرد على المتظاهرين، مشدداً على دعم الولايات المتحدة للانتقال إلى الديمقراطية بقيادة مدنية.
أما المقاربة “الإسرائيلية” للتطورات في السودان، فجاءت متعارضة مع الموقف الأميركي المعلن برفض الانقلاب، وهو ما عكسته المواقف المنسوبة إلى مصدر “إسرائيلي” انتقد فيها موقف واشنطن مما يجري في السودان، معترفاً بأنه في الوضع الحالي يفضل دعم الجيش وقائده عبد الفتاح البرهان.
يأتي ذلك في وقت تقول به بعض الوسائل الإعلامية بأنه من الممكن أن يكون لأميركا إلى جانب الكيان الصهيوني يد في الانقلاب الحاصل، وبأن موقف واشنطن داعم للانقلاب على عكس ما تحاول أن تروج له واشنطن وتصرح به.