يدخل السودان ضمن سلسلة تطورات خطيرة أفرزتها الأحداث المتسارعة اليوم مع قيام قوة عسكرية باعتقال عدد من الوزراء والمسؤولين البارزين على رأسهم رئيس الحكومة السوداني عبد الله حمدوك الذي أقتاده الجيش لمكان مجهول ووضعه ضمن الإقامة الجبرية.
التحركات العسكرية، التي شهدتها العاصمة السودانية جاءت حسب المتابعين بهدف الاستيلاء عن السلطة، على خلفية التجاذبات الحاصلة بين الطرفين العسكري والمدني، والمطالبات المتواصلة لإنهاء الحكم العسكري وتسليم السلطة في البلاد للحكومة المدنية.
وزارة الإعلام السودانية أعلنت أنّ “ما حدث في السودان اليوم هو انقلاب عسكري متكامل الأركان”، داعية الجماهير إلى “قطع الطريق على التحرّك العسكري حتى إسقاط المحاولة الانقلابية”، ومطالبةً بإطلاق سراح المعتقلين.
وأشارت وزارة الإعلام السودانية، اليوم الإثنين، إلى اعتقال أعضاء في مجلس السيادة الانتقالي من المكوّن المدني وعدد من وزراء الحكومة الانتقالية، وقالت إنّ القوات العسكرية المشتركة تحتجز رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في منزله، وتمارس ضغوطاً عليه لإصدار بيان مؤيد “للانقلاب”.
وكرد فعل على محاولة الانقلاب دعا أنصار الحكم المدني إلى تعبئة جماهيرية في ميادين وساحات العاصمة والمدن الأخرى للحفاظ على مطالبهم في الحكم المدني ورفضاً لمحاولات العسكر الانقلابية والتي وصفوها بالخطيرة وتقود البلاد إلى المجهول.
وصدر بيان عن تجمع المهنيين السودانيين أعلن فيه عن تحرك عسكري للاستيلاء على السلطة، ويدعو إلى إضراب عام واعتصام مدني في مواجهة “الانقلاب العسكري”، ودعا السودانيين للخروج إلى الشوارع في الأحياء واحتلالها تماماً، والتجهيز لمقاومة أي انقلاب عسكري بغض النظر عن القوى التي تقف خلفه.
ويرى مراقبون بأن تلك الدعوات ستؤدي إلى مواجهات حتمية بين المتظاهرين والعسكر الذين بدؤوا بدورهم يحشدون قوات كبيرة لهم في العاصمة الخرطوم، كما قاموا بقطع الجسور في الخرطوم وبفصل مناطق العاصمة عن بعضها.. ومن المؤكد بأن هذه المواجهات ستكون خطيرة للغاية وقد تقود البلاد إلى صراع دام وفوضى عارمة.
وعلى الحال حل الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني في بيان مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء وأعلن حالة الطوارئ في البلاد.
أما على الصعيد الدولي فقد لاقت الأحداث داخل السودان ردود فعل منددة أعربت من خلالها عن القلق لما يجري من محاولة انقلابية في السودان ومحاولات تقويض العملية الانتقالية.
المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي، جيفيري فيلتمان، أعرب عن قلقه البالغ بشأن تقارير الانقلاب العسكري في السودان.
فيلتمان، وفي تصريحاته قبل مغادرته الخرطوم اليوم، قال: “إن الاعتقالات التي طالت عدداً من الوزراء والمسؤولين صباح اليوم تخالف الوثيقة الدستورية التي ترعى الحكم الانتقالي في البلاد، والشراكة بين المكون العسكري والمدني”، وحذر من أن أي تغيير في الحكومة الانتقالية بالقوة سيهدد الدعم الأميركي للسودان.
من جهته، دعا مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، جميع القوى في السودان إلى العودة إلى العملية الانتقالية.
بوريل، وفي تغريدة على تويتر، قال: “نتابع بقلق شديد تطورات الأحداث في السودان.
بدوره، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس: المنظمة تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن انقلاب في السودان ومحاولات تقويض عملية الانتقال السياسي.
من جانبها، رأت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أن “الشعب السوداني يعود إلى الشوارع لحماية الانتقال الديمقراطي”.
أما مجلس الدوما الروسي فقد أعرب عن قلقه مما يجري في السودان، مشيراً إلى أنه يتابع عن كثب تطوّر الوضع هناك.
وكانت وكالة “رويترز” نقلت عن مصدر من عائلة المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أن قوة عسكرية اقتحمت منزله وقبضت عليه.
وأكدت الوكالة “اعتقال أغلبية أعضاء مجلس الوزراء السوداني وعدد كبير من قيادات الأحزاب المؤيدة للحكومة”، وأشارت إلى أن “الاعتقالات طالت عضواً في المجلس السيادي السوداني”.
كما ذكرت “رويترز”، نقلاً عن شهود عيان، أنّ “الجيش السوداني يقيّد حركة المدنيين في العاصمة السودانية الخرطوم”.
وتأتي تلك التطورات مع مواصلة أنصار الحكم المدني ودعاة السلطة العسكرية الذين يطالبون بحل الحكومة الحالية، تنفيذ مظاهرات شبه يومية، في حين انه من المفترض أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.