سياسة الأكاذيب والخداع وشيطنة الآخر سياسة أمريكية تقليدية تتبعها الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ أن أصبحت هذه الدولة قوة عظمى تتحكم بمسار السياسات العالمية.
من علائم الغطرسة والتعالي التي تطبع السياسات الأمريكية أن إداراتها تنصب نفسها في موقع المعلم الذي يمنح الثناءات ويفرض العقوبات والجزاءات وبراءات السلوك على الدول والشعوب والحكومات, وتصنف الآخرين بين جيد وسيئ.
آخر ما تفتقت عنه عقلية التعالي وعدم احترام الآخر هو ظهور نيكولاس بيرنز، المرشح لمنصب السفير الأمريكي لدى الصين، في جلسة الاستماع التي عقدها مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء الماضي، كمتشدد تجاه الصين من خلال إلقاء الأوساخ على البلاد كما ذكرت وكالة شينخوا الصينية.
وجاء في مقال نشرته الوكالة أن شهادته، اعتبرت إلى حد ما، أنها موقف في مواجهة ضغوط أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. وبالنظر إلى سياسات الخداع السائدة في واشنطن، فمن المفهوم لماذا يتعين على الدبلوماسي المتمرس أن يشوه سمعة البلد المضيف في المستقبل للحصول على تعيين رسمي.
ومن الواضح أن هذا التقليد السياسي قد قاد السياسات الخارجية الأمريكية إلى الاتجاه الخاطئ- “دبلوماسية الخداع”.
وتضمنت شهادة بيرنز قضايا تتعلق بشينجيانغ والتبت وهونغ كونغ وتايوان في الصين، واصفاً الصين بأنها “أكبر تهديد لأمن بلادنا”، وحث على “الحفاظ على الموقف العسكري الأمريكي” في منطقة آسيا-الباسيفيك، مشيرا إلى الوجود الأمريكي باعتباره “رادعاً فعالاً للحفاظ على السلام”.
ومع ذلك، فباعتبارها أكبر مصدر للأسلحة ومنفق عسكري ومغير للنظام في العالم، كانت الولايات المتحدة نفسها تعتبر على نطاق واسع أكبر تهديد للسلام العالمي، وفقًا لاستطلاعات الرأي التي أجراها ائتلاف (وين/جيا الدولي) ومركز بيو للأبحاث.
ومن باب إيراد الحقائق التي تجعل اتهامات واشنطن تبدو سخيفة أوردت الوكالة من خلال المقال أن الصين ألزمت نفسها بأن تكون مؤسسة السلام العالمي، ومساهمة في التنمية العالمية، ومدافعة عن النظام الدولي وموردة للسلع العامة.
ومنذ عام 1949، أيدت الصين “سياسة عسكرية وطنية ذات طبيعة دفاعية، إذ إن “عدم السعي إلى الهيمنة أو التوسع أو مجالات النفوذ” هو السمة المميزة للدفاع الوطني الصيني، حسبما ذكر كتاب أبيض أصدرته الحكومة الصينية.
وفي الوقت الذي تبني فيه قوتها الدفاعية لأمنها الوطني، تدافع الصين أيضاً عن السلام العالمي من خلال آليات متعددة الأطراف.
وبالنظر إلى التحديات المشتركة المؤلمة التي تواجه البشرية، مثل تغير المناخ والتنمية المستدامة والتعافي من جائحة تحدث مرة واحدة في القرن، فإن موقف واشنطن الغامض تجاه العلاقة بين الولايات المتحدة والصين مثير للقلق.
لقد أدى نهج التعامل مع القضايا المختلفة مع الصين بشكل منفصل، فقط إلى كشف النقاب عن غطرسة واشنطن وعدم صدقها، إذ إنه لا يمكن أبداً أن يتم التعاون العملي بالتوازي مع المنافسة أو المواجهة.
وبالنسبة لأكبر اقتصادين، سيؤدي تعاونهما إلى فوائد لدى كلا البلدين وخارجهما، بينما ستؤدي المواجهة بينهما إلى معاناة في جميع أنحاء العالم.
ورداً على تصريحات بيرنز، فقد حثه المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين، يوم الخميس، على “أن يكون على دراية تامة بالاتجاه العام لتنمية العالم وتطلعات الشعوب، وتعلُّم الوضع الحقيقي للصين بموضوعية، والنظر إلى العلاقات الصينية- الأمريكية بطريقة عقلانية”.
وقال وانغ “نأمل أن يتحدث ويتصرف بطريقة بناءة أكثر ويلعب دوراً بناء في تعزيز العلاقات الصينية-الأمريكية والصداقة بين الشعبين”.
ومن ناحية أخرى، أكد وانغ بقوله: “نعارض تعريف العلاقات الصينية- الأمريكية على أنها تنافسية. وحتى في حالة وجود منافسة بين الجانبين في مجالات براغماتية مثل الاقتصاد والتجارة، فإنها منافسة صحية تدفع بعضهما البعض نحو التميز”.