تصاعد واضح في حدة الخلافات بين تركيا وبعض الدول الغربية، الأمر الذي وضع أنقرة على شفا العقوبات بعد أن كانت تلهث لشق طريقها نحو الاتحاد الأوروبي، فبعد أن وضعت مجموعة العمل المالي (غافي) أنقرة على لائحتها الرمادية بسبب قصور في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جاء احتجاز المعارض التركي عثمان كافالا، ليحدث حلقة جديدة في سلسلة الأزمات التي تتصاعد بين أنقرة والغرب.
فالحكاية بدأت الأربعاء الماضي عندما طالبت 10 سفارات في أنقرة السلطات التركية بالإفراج الفوري عن عثمان كافالا المعتقل منذ 2017 تماشياً مع قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وجاء ذلك في بيان مشترك صادر عن سفارات كل من ألمانيا والولايات المتحدة والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنرويج ونيوزيلندا.
وقال السفراء العشرة، في بيانهم: إن “استمرار تأجيل محاكمة كافالا بضم ملفات مختلفة وخلق قضايا جديدة بعد الحكم بالبراءة، يلقي بظلاله على احترام الديمقراطية وسيادة القانون ومبادئ الشفافية في النظام القضائي التركي، علماً بأن 4 سنوات مرت على اعتقاله”.
الرد التركي جاء سريعاً عبر طرد سفراء الدول العشر المشاركة في انتقاد أنقرة والداعية لإطلاق سراح كافالا ما يظهر بأن التوترات بين الطرفين آيلة للتصاعد أكثر مما سبق وبأن الأيام القادمة ستكون حاسمة فيما يتعلق بالعلاقات بين الطرفين.
رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي وجد أن الرد التركي بطرد 10 سفراء غربيين يدل على التوجه الاستبدادي للحكومة التركية، مؤكداً أن هذا لن يخيف أوروبا، وبأن تركيا ستواجه عقوبات مرتقبة حال عدم الإفراج عن كافالا.
ويرى مراقبون أن أزمة كافالا تأتي في إطار ممارسة ضغوط أكبر على أنقرة في العديد من القضايا الخلافية مع الاتحاد الأوروبي، حيث تضغط أوروبا بأزمة كافالا جراء ملفات كثيرة، أهمها الهجرة واللاجئين، إضافة إلى دخول تركيا على خط الصراع في ليبيا مع إصرار أنقرة على البقاء في المشهد الليبي ودعم تيارات مؤدلجة في محاولة للحفاظ على نفوذها هناك خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في كانون الأول المقبل.
وتسعى الدول الغربية جراء حالة التوتر الموجودة مع النظام التركي لكي تصل المعارضة التركية إلى سدة الحكم، وترى أنه يجب دعم تيارات المعارضة التي بدت أقرب إلى التوجهات الأوروبية مقارنة بحزب العدالة والتنمية الحاكم خاصة مع قرب الانتخابات في 2023.
في حين أن تركيا كعادتها دائما تفتعل الأزمات، وفي هذه المرة استغلت أزمة كافالا كورقة تناور بها في محاولة للضغط على أوروبا للحصول على بعض الامتيازات، وليس من الصدفة أن يتزامن طرد السفراء مع صدور تقرير المفوضية الأوروبية السنوي الذي قدم توصية ملزمة باستحالة دخول تركيا على خط العائلة الأوروبية واستحالة التقارب بين الطرفين في ظل الإصرار على عدم إصلاحات دستورية وقانونية وتفصيل المشهد السياسي على مقاس طموحات مؤسسة الرئاسة.