لم يدخر رئيس النظام التركي رجب أردوغان فرصة أو مناسبة إلا انتهزها في مسعى منه للتقرب من أوروبا وفتح صفحة معها.. لكن رغم كل هذه المساعي تشير التقارير إلى أن عضوية أنقرة غير ممكنة لأسبابٍ كثيرة منها القمع الذي يستخدمه أردوغان ضد خصومه في المعارضة خاصة أولئك الذين ينتمون لأحزابٍ مؤيدة للأكراد، علاوة على سيطرته على وسائل الإعلام والقضاء، وخلافات بلاده المستمرة مع فرنسا وقبرص واليونان في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط علاوة على تدخله في شؤون العديد من الدول..
وتهيمن المخاوف مجدداً على قادة الاتحاد الأوروبي في شأن مواجهة أزمة جديدة تتعلق باللاجئين، إذ يتدفق آلاف الأفغان عبر إيران إلى تركيا، منذ سيطرة حركة “طالبان” على البلاد في أعقاب الانسحاب الأميركي، حيث يتخذ اللاجئون الأفغان الساعين للوصول إلى أوروبا الطريق من إيران مروراً بتركيا ثم أوروبا.
وقد شهدت العلاقات بين رئيس النظام التركي رجب أردوغان وقادة الاتحاد الأوروبي توتراً شديداً على إثر استخدام اللاجئين كورقة مساومة لعقد اتفاق جديد.
ويبدو أنه بالرغم من تدفق اللاجئين الأفغان هذه المرة إلى تركيا سيشكل تحدياً كبيراً لحكومة أردوغان محلياً، إلا أنه يوفر أيضاً لأنقرة فرصة لاستغلالها في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وكما استطاع أردوغان الاستفادة من أزمة اللاجئين السوريين من خلال اتفاق اللاجئين لعام 2016، الذي سمح له بانتزاع تنازلات مختلفة من بروكسل، بما في ذلك الحوافز المالية وكذلك التساهل مع الانتهاكات التي ارتكبها.
وبالفعل فإن أردوغان يأمل هذه المرة، أن يؤدي تهديد موجات اللاجئين الأفغان إلى منحه نفوذاً إضافياً على الاتحاد الأوروبي، ما يسمح له بانتزاع مزيد من التنازلات.
وبالتوازي من مجريات الأحداث على الجانب التركي قالت المفوضية الأوروبية في تقريرها السنوي الأكثر انتقاداً منذ بدأت أنقرة محادثات الانضمام للتكتل قبل 16 عاماً، أن مساعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي “وصلت إلى طريق مسدود” في ظل إخفاقات ديمقراطية شديدة، وأكدت أن حكومة أردوغان تشرف على التآكل المستمر للديمقراطية وسيادة القانون وإنها تجاهلت توصيات الاتحاد الأوروبي العام الماضي.
وذكرت وسائل إعلام مختصة بالشؤون الدولية أنه من غير المرجح أن توافق بروكسل على عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي، حتى ولو خرج الرئيس التركي الحالي من الحياة السياسية في بلاده لاحقاً، لصعوبة موافقة الاتحاد الأوروبي على منح عضويته لدولة “ذات أغلبية مسلمة”.
وأشارت التقارير لأول مرة أيضاً إلى أن أنقرة لم تعد جادة في القيام بالإصلاحات التي يدعمها الاتحاد الأوروبي حتى على الرغم من إعادة التزام أردوغان في نيسان بهدف الحصول على عضوية التكتل كاملة في وقت حاول فيه الجانبان تحسين العلاقات المتوترة.
وقالت المفوضية الأوروبية “لم تعالج مخاوف الاتحاد الأوروبي الجدية من استمرار تدهور الديمقراطية وسيادة القانون والحقوق الأساسية واستقلال القضاء في ظل الظروف الراهنة، وصلت مفاوضات انضمام تركيا (للاتحاد) إلى طريق مسدود فعلياً”.
ويشترط الاتحاد الأوروبي على تركيا القيام بإجراءاتٍ إصلاحية، مقابل منحها العضوية الكاملة، لكن هذا الأمر لم يتحقق خاصة مع القمع الذي استخدمه الرئيس التركي ضد خصومه في غضون المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه منتصف العام 2016، إضافة لقمعه للأحزاب والتضييق على الحريات والصحفيين.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أن علاقاته مع أنقرة في “أدنى مستوياتها” بعد ما يسميه “ابتعاد تركيا المتزايد والمستمر عن القيم والمعايير الأوروبية”، الأمر الذي يتطلب من الطرفين القيام بإعادة تقييم علاقتهما.
تركيا تعمل كحارس بوابة للاتحاد الأوروبي مقابل مليارات الدولارات من المساعدات، وفي حين يمنح الاتفاق تركيا نفوذاً دبلوماسياً كبيراً في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، فإن المشهد المحلي يدفع أردوغان مجدداً إلى المناورة والبازار السياسي.