يبدو أن سياسة التضليل الإعلامي التي تتبعها الولايات المتحدة في منطقتنا العربية لم تعد تقتصر على محيطنا الجغرافي، بل إنها أصبحت سلاحاً فعالاً يستخدم على نطاق عالمي, وإنه غدا بضاعة أمريكية رائجة رأسمالها الخداع والكذب والإثارة والتلاعب بعقول الشعوب وعواطفها.
التضليل الإعلامي الأمريكي خلال الفترة القريبة الماضية كثف نشاطه باتجاه خصومه الإستراتيجيين روسيا والصين في محاولة يائسة للإساءة لهما وضرب علاقات الصداقة والتعاون التي تجمعهما مع بقية دول العالم.
فقد ذكرت وكالة “شينخوا” الصينية أن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أعد “خطة معقدة” صممتها واشنطن لتشويه سمعة الشركات الصينية في زيمبابوي “من خلال التضليل والأكاذيب والإثارة في وسائل الإعلام المستقلة والمنصات الاجتماعية”.
وهذه المؤامرة فضحتها مقالة نشرتها في 21 سبتمبر أكبر صحيفة يومية في زيمبابوي (هيرالد)، والتي كشفت أن الولايات المتحدة تمول وتدرب مراسلين محليين لكتابة قصص مناهضة للصين وتشويه سمعة الاستثمارات الصينية.
وفي المقالة، ذكرت صحيفة (هيرالد) أنها تلقت تفاصيل حصرية تشير إلى أن “صحفيي وسائل الإعلام الخاصة يتم تدريبهم من صندوق المعلومات من أجل التنمية”، وهو مركز صحافة استقصائية في زيمبابوي بتمويل من السفارة الأمريكية في هذا البلد.
وفي معرض إشارتها إلى أن ورشة عمل استقطبت حوالي 12 صحفياً من وسائل الإعلام الخاصة عقدت يومي 14 و15 سبتمبر، أفادت أن الصحفيين “تم تخصيصهم بمناطق تركيز إقليمية/ جغرافية مع التشديد على المجالات التي تشارك فيها الشركات الصينية”، مثل التعدين والبناء والطاقة والبنية التحتية والقروض والبيئة.
ولفتت المقالة إلى أنه قيل لهم بأن يصوروا الشركات الصينية على أنها “تسبب ضرراً بالمجتمعات والبيئة والعمال”.
وقالت: إن “أحد الحاضرين في الورشة كشف عن منح الصحفيين المشاركين في الورشة بالفعل مجالات ومواضيع للعمل عليها وفقاً لمجالات الاهتمام وكذا المناطق الجغرافية”.
وتدور المرحلة التالية، وفقاً للكشف، في إنتاج محتوى ونشر قصص في مختلف وسائل الإعلام، حيث يتلقى الصحفيون مبلغاً قدره ألف دولار أمريكي لكل قصة من السفارة الأمريكية عبر وكيلها.
وجاء في المقالة: إن “مسؤولي السفارة الأمريكية تفاخروا خلال ورشة العمل بأنهم قاموا في السابق برعاية مؤسسات إعلامية بشأن ما يسمى بقضايا المساءلة”.
وذكرت أنهم قاموا أيضا بتمويل بعض الصحفيين الذين يحتلون الآن مواقع إستراتيجية في وسائل الإعلام المستقلة، وكانوا “يوفرون الموارد لـ “الأشخاص المهمين” للتركيز على إدارة الموارد وقضايا العمل وتوفير “الأدوات المناسبة”.
وأضافت: إلى جانب المؤامرة الأمريكية، يرعى الاتحاد الأوروبي وبعض دول الشمال ورشات عمل مماثلة.
وقد حث نائب رئيس زيمبابوي كونستانتينو تشيوينغا المواطنين على عدم انخداعهم أو تضليلهم بالتقارير المناهضة للصين التي تمول بالأموال الأمريكية.
وقال تشيوينغا: “لدينا الكثير من الأصوات المتطفلة التي تتحدث عن الصداقة بين زيمبابوي والصين، في محاولة لتدمير ما تحقق من خلال المساعدة من جمهورية الصين الشعبية”.
وقال رانجاريراي شوكو، رئيس تحرير وكالة أنباء إنتر-أفريكا زيمبابوي الجديدة: إن محاولة الولايات المتحدة إثارة التقارير المناهضة للصين تحت ستار “دعم الصحافة الحرة” تهدف في الواقع إلى تشويه التعاون الإفريقي- الصيني.
ويعتقد العديد من مواطني زيمبابوي اعتقاداً راسخاً أن التعاون والصداقة بين زيمبابوي والصين، وكذلك بين إفريقيا والصين، لن تقوضهما الولايات المتحدة مهما تفننت في وسائل الكذب والتضليل.