مستثمرون وأكاديميون: قانون الاستثمار الجديد رافعة حقيقية لاقتصاد متنوع

لتحقيق اقتصاد متطور يدعم التنمية الشاملة والمتوازنة, ويحقق معدلات نمو مرتفعة وفرص تشغيل مستدامة, ويوفر دخلاً لائقاً للأفراد, ويحقق العدالة الاجتماعية ضمن إطار تشاركي واسع يضم جميع قطاعات وفئات المجتمع, ويستند إلى قاعدة إنتاجية متنوعة تواكب التطور التكنولوجي والمعرفي, ولابدّ من أن يكون هناك مناخ كبير وبيئة مناسبة تستقطب رؤوس الأموال الفاعلة في كل الجوانب التي تم ذكرها, وتقدم أرضية واسعة من المحفزات التي تكفل ديمومة التفاعل بين رأس المال وفرص الاستثمار التي تكفل تحقيق معدلات نمو مستدامة, يتم من خلالها استثمار كل الموارد الطبيعية الهادفة والمستهدفة من قبل رأس المال.
ميزات إضافية
من هذا المنطلق جاءت التعديلات الأخيرة لقانون الاستثمار المعمول به في بلدنا, والتي ظهرت بالقانون رقم 18 للعام الحالي الذي جاء ليلبي طموحات المرحلة المقبلة, وخاصة أننا مقبلون على مرحلة إعادة الإعمار في كل المجالات, وتحتاج لتضافر كل الجهود بما فيها تأمين بيئة استثمارية تسمح بالمزيد من ضخ الأموال واستثمارها على نطاق واسع, حيث قال المدير العام لهيئة الاستثمار مدين دياب: إن القانون يعد خطوة متقدمة على صعيد العمل الاقتصادي وحجر الأساس في عملية التطوير الشاملة لبيئة الأعمال في سورية, وذلك لما يحمله من ميزات إضافية وحوافز مشجعة, وتسهيلات واسعة تسمح بتأمين بيئة استثمارية تعود بالفائدة الاقتصادية لكل الأطراف.
«تشرين» حاولت تقديم بعض الآراء الاقتصادية حول القانون وأهميته في ظل الظروف الحالية, وضرورة صدور قانون كهذا يؤمِّن بيئة مناسبة لاستثمار أفضل يحقق العائد المادي والاجتماعي في كل جوانبه.
خطوة هامة
الباحث الاقتصادي الدكتور مدين علي قال: إن قانون الاستثمار الجديد يشكل خطوة هامة في مجال تطوير الاستثمار لما يحمله من ميزات وتسهيلات ومرونة في الإجراءات وغيرها.
لكن المشكلة ليست في القانون في حد ذاته, وإنما في البيئة العامة التي تحيط به وتشكل المناخ الجاذب بصورة عامة, بمعنى آخر؛ إن القانون الجديد شرط أساسي وضروري قدّم هامشاً كبيراً ومرونة واسعة تستلزم وجود متممات أخرى تعد أساسية وجوهرية بالنسبة لإيجاد بيئة استثمارية محفزة ومستقطبة للاستثمارات ورؤوس الأموال الضخمة.
وضمن هذا الإطار وفق رأي الدكتور علي يمكن أن نشير إلى مجموعة من المتطلبات الضرورية لجهة ما يتعلق بإيجاد بيئة استثمارية حقيقية منها على سبيل المثال لا الحصر: نحتاج بنى تحتية تعد رافعة حقيقية من روافع الاستثمار ومستقطبة لرؤوس الأموال تتعلق بحوامل الطاقة المتنوعة وبكل أشكالها, من دون أن ننسى تأمين البنية التحتية لبيئة الاتصالات والنقل, ويبقى الأبرز والأهم هو ما يتعلق بقطاع المصارف والتمويل والتحويلات المالية, فمما لا شك فيه أن الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على بلدنا أثرت سلباً وبشكل كبير في البيئة الاستثمارية وفي قطاع المصارف والتحويلات المالية.
الأمر الذي انعكس بصورة سلبية على واقع بيئة الأعمال والاستثمار إذ اضطرت الحكومة أن تتخذ مجموعة من الإجراءات والتدابير بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي, وسعر الصرف, وهي صحيحة في جانب كبير منها, لكنها انعكست بصورة سلبية على واقع الأعمال والبيئة الاستثمارية خاصة لجهة ما يتعلق بالتحويلات المالية ونقل الأموال وإدارة السيولة.
معادلة صعبة
ولنكن واقعيين ونعترف أنها معادلة صعبة وتوازنها لم يكن بهذه البساطة, إذ إن الكثير من المشكلات تحتاج مثل هذه القرارات, ولكن في الوقت ذاته تنتج مجموعة من التداعيات غير المرغوبة بالنسبة لبيئة ومناخ الاستثمار الجاذب, بمعنى آخر؛ إن إيجاد بيئة استثمارية وإمكانية الاستفادة من قانون الاستثمار الجديد كحامل حقيقي في هذا المضمار يمكن أن يبرز في بصورة واضحة وجلية في حال تحققت انفراجات اقتصادية حقيقية , وأزيلت الكثير من الإجراءات القسرية والتدابير الغربية المفروضة على بلدنا.
وفي كل الأحوال فإن قانون الاستثمار الجديد الذي يحمل الرقم 18 يمكن الرهان عليه ويشكل رافعة حقيقية لاقتصاد متنوع, إلى جانب مجموعة تدابير ومتطلبات سبق ذكرها, وتالياً عندها تكون البيئة الاستثمارية جاذبة لرأس المال الوطني والخارجي على السواء, وتحقيق معدلات نمو يمكن البناء عليها لتحقيق تنمية مستدامة في كل القطاعات.
تبسيط الإجراءات
وضمن هذا الإطار فقد عدّ الصناعي الدكتور جمال قنبرية أن البيئة الاستثمارية المشجعة ليست في القوانين الناظمة فحسب, بل فيما تقدمه من ترجمة فعلية لها ومرونة تكفل تأمين جو استثماري يسمح بتوفير المستلزمات الأساسية والمقومات التي تكفل نجاح أي مشروع يراد تنفيذه..

وأضاف قنبرية أن المناخ الاستثماري المطلوب في هذه المرحلة يكمن في حرية العمل وتبسيط الإجراءات والتخلص من الروتين الذي يقضي على الجهد والوقت اللذين لو ترجما من أساس رأس المال لكانت حسابات التكلفة تعادل في بعض الأحيان رأس المال المستثمر في المشروع , وتالياً تسهيل عمليات تأمين المواد الأولية وتحسين بيئتها من أساسيات نجاح المشروع وهذا ما يجب أن يلحظه القانون..
وأوضح قنبرية أن الأولية في المرحلة المقبلة يجب أن تنحصر في كيفية تشغيل المنشآت التي دمرها الإرهاب, وقبلها تشغيل المنشآت القائمة وخاصة أنها تعاني ظروفاً صعبة نتيجة الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية, وتالياً من الضروري تسخير مفردات القانون الجديد لخدمة هذه الشركات وإعادة دورة الحياة لها من جديد وتحقيق انطلاقة جديدة في عالم الصناعة والتصنيع وزيادة رأس المال الذي يمكن توظيفه في مشاريع جديدة.
سلة محفزات
وشاطره الرأي الصناعي محمد صباغ مضيفاً أن قانون الاستثمار السابق لم يكن في حالة جيدة, لكن لو ترجمت بعض بنوده ومواده بالصورة الصحيحة لاختلف الكثير من مقومات البيئة الاستثمارية, لكن الحرب على سورية زادت من متاعب التطبيق, إلى أن جاء التعديل الجديد لقانون الاستثمار وظهوره بالشكل النهائي محدداً آلية جديدة تسمح بتطوير بيئة الاستثمار في بلدنا وذلك من خلال الحوافز والميزات والتسهيلات التي يقدمها, فهناك سلة كبيرة من الإعفاءات الضريبية والمحفزات التي بدورها ستخفف من الأعباء على الصناعيين و ستسمح لهم بتسريع آلية العمل وتشغيل المنشآت وتوسيع دائرة الاستثمار واستقطاب عمالة أوسع.
وعدّ صباغ قانون الاستثمار الجديد داعماً للمستثمرين السوريين وغير السوريين في الخارج لإعادة استثمار أموالهم داخل سورية من باب هذا القانون فيبدأ بالقطاع الزراعي إلى قطاع إعادة تطوير المناطق الصناعية وبعض الصناعات من أهمها الطاقة البديلة والأدوية والعصائر وكذلك منح هذا القانون إعفاءات ضريبية ونتمنى الشفافية بتطبيق التعليمات التنفيذية.. والتوجه لدعم المشاريع الصناعية التي تحقق قيمة مضافة كبيرة قادرة على التصدير وتعود بالنفع على دعم القطع الأجنبي وملاحظة المناطق الحرة وتسهيل عمل المستثمرين, إلى جانب تحسين الحالة الاجتماعية بصورتها العامة, وتحسين مستويات الدخل لكل شرائح المجتمع, وذلك من خلال تحسين الإنتاجية والعائد الاقتصادي على مستوى الشركات والمشاريع الاستثمارية والاقتصاد الوطني كحالة اقتصادية واحدة تعكس بمجملها حالة تنموية دائمة ومستمرة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار