تصاعدت وتيرة الخلافات الداخلية والاتهامات المتبادلة العلنية بين قيادات “تنظيم الإخوان” بالفشل والتورط بالقضاء على مستقبل التنظيم، خاصة بعد فشله في حل أزمته الخانقة التي تعقدت بعد التضييق عليه في بعض الدول، ما اضطره إلى القيام بخطوات متسارعة لإيجاد حل عاجل للأزمة التي عصفت به.
ويبدو أن التنظيم يسعى إلى “إعادة تشكيل جماعة إخوانية جديدة” لديها توجهات دولية حيث يعمل على إنتاج نسخة جديدة يمكن أن نسميها “جماعة الإخوان الليبرالية”، تتم هيكلتها وصياغتها برعاية أميركية وبريطانية، ومن المحتمل أن هذه النسخة الجديدة سوف تتخلى عن أدواتها التقليدية في اختراق المجتمعات العربية ممثلة في الاعتماد على الانتشار والتجنيد من خلال المساجد والمدارس والأنشطة الاجتماعية، لأنها لم تعد قادرة على فعل ذلك، ما اضطرها لتغيير إستراتيجياتها في التأثير واختراق المجتمعات باستغلال وسائل “التواصل الاجتماعي”، والاكتفاء بذلك والتوقف عن أي نشاطات تتم على الأرض.
وفي هذا السياق قالت مصادر مصرية مطلعة رفضت الكشف عن اسمها: إن التنظيم الدولي “لجماعة الإخوان” يدرس تجميد النشاط السياسي لعدة فروع في بعض الدول العربية، بسبب حالة الانهيار الداخلي والغضب الشعبي التي يواجهها.
وأوضحت المصادر أن المرشد العام الحالي، إبراهيم منير، أجرى عدة اتصالات سرية مع قيادات في تنظيم الإخوان في مصر وتونس والمغرب، وطلب منهم دراسة مقترح بتجميد النشاط السياسي للتنظيم لفترة محددة (بضع سنوات).
وفي التفاصيل أوضحت المصادر أن منير برر المقترح بالرغبة في منح الأفرع المتأزمة فرصة لإعادة هيكلة نفسها ووقف نزيف الانشقاقات الداخلية خاصة في مصر وتونس، وتفادي تزايد حالة الغضب الشعبي، وأيضاً منح وقت مناسب لإعادة هيكلة التنظيم وترتيب بنيته، بما يتوافق مع التطورات الإقليمية والدولية الجديدة.
ووفق المصدر اعتمد مرشد الإخوان على دراسة أعدها مركز للدراسات والأبحاث يتبع الجماعة، حول مستقبل التنظيم في ظل المتغيرات الراهنة، ومدى حالة الرفض الشعبي له فضلاً عن تورط عدد كبير من قياداته في قضايا إرهاب وفساد، وهو ما يؤكد عدم قدرته على العودة لممارسة النشاط السياسي في وقت قريب.
ولم يلق اقتراح المرشد الإخواني المقيم بلندن، قبولاً لدى قيادات التنظيم وخاصة أعضاء مكتب الإرشاد المصري، ما تسبب في تجدد الصراع المحتدم بين الطرفين على مدار الأشهر الماضية بسبب الخلافات حول المناصب التنفيذية والتمويل.
كل هذه المعطيات تضع الجماعة، المصنفة إرهابية في عدة دول، أمام خيارات محدودة للغاية، أبرزها ما طرحه إبراهيم منير ومجموعته بعد السقوط المدوي في مصر، بتجميد النشاط السياسي للجماعة والإعلان عن ذلك لمحاولة تفادي الغضب الشعبي، لكن إدارة الجماعة التي لم تكن تخضع لمنير أو التنظيم الدولي وقتها، قررت الاستمرار في المواجهة مع المصريين وانتهجت نهجاً إرهابياً عنيفاً، تصدت له السلطات المصرية وسقط التنظيم بلا رجعة.