لا تزال تداعيات الانسحاب المذل للولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان تتردد صداها على الساحة الدولية رغم مرور أكثر من شهر، وهذه الأصداء تجتمع عند نقطة الخطأ الفادح لهذا الانسحاب، ما يعمّق من خيبة وهزيمة واشنطن التي فقدت الكثير من سمعتها على طريق الأحداث السياسية التي شهدتها الساحة الدولية ولاسيما في السنوات الأخيرة.
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أظهر بعض الانقسام بين الأوروبيين والأمريكيين، ففي حين كان القرار أمريكياً، نجد أن العديد من الأوروبيين كانوا على النقيض من التوجهات الأمريكية، إذ أظهر استطلاع لوكالة “سبوتنيك” أن نصف الأوروبيين يعتبرون أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان كان خطأ كبيراً، مؤكدين أن الخطوة أساءت إلى سمعة واشنطن.
كما أفرز الانسحاب أيضاً آراء متعارضة تتعلق بالغزو الأمريكي لأفغانستان بالأساس، وتناقضت تلك الآراء بين مؤيد للغزو وبين معارض، فوفقاً لنتائج الاستطلاع، فإن ما يقرب من نصف الألمان (49%) وأكثر من ثلث الفرنسيين (34%) و(36%) من الإيطاليين و40% من البريطانيين و41% من الإسبانيين، يعتقدون أن إدخال القوات إلى أفغانستان في عام 2001 كان بمثابة خطأ كبير.
في المقابل، أيد إرسال القوات الأمريكية إلى أفغانستان 40% من الفرنسيين و37% من الألمان و34% من البريطانيين و46% من الإيطاليين و39% من الإسبانيين، في حين أن أكثر من ثلث الفرنسيين (35%)، و41% من الألمان و43% من البريطانيين وأكثر من نصف الإيطاليين (53%) ونحو نصف الإسبانيين (47%) أجابوا بأن الطريقة التي انسحبت بها القوات الأمريكية من أفغانستان أساءت إلى صورة الولايات المتحدة في عيونهم.
وفي سياق الاستطلاع تم الربط بين الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتأثيره على الأمن العالمي، إذ يعتقد أكثر من نصف المستطلعين في جميع البلدان أن انسحاب القوات من أفغانستان قد خفض مستوى “الأمن العالمي”، إذ شارك في الرأي (50%) من الفرنسيين، 63% من الألمان، وأكثر من نصف البريطانيين (53%) والإسبانيين (54%) و60% من الإيطاليين.
وانسحب آخر الجنود الأمريكيين من أفغانستان في الـ 30 من آب الماضي، بعدما أعلنت حركة “طالبان” سيطرتها على البلاد في 15 من الشهر ذاته، في حين انهار الجيش الأفغاني بصورة مفاجئة رغم إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية على تسليحه وتدريبه نحو 83 مليار دولار.
“سبوتنيك”