تنظر واشنطن بعين القلق والترقب لمسار تطور العملاق الآسيوي، وتصاعد استثماراته الإقليمية والدولية. وتسعى باستمرار لمحاولة استبدال الاعتماد على المنتج الصيني بما يُماثله في العالم، أملاً بالحد من النشاط الصيني.
ولطالما كانت الهند والصين من كبريات القوى عالمياً، وجزء من المجموعة الضيقة في اللعبة العالمية من خلال موقعهما.
وبالرغم من كل الضخ الغربي ضد بكين، ومحاولة صرف الأنظار تجاه الهند أو اليابان أو حتى كوريا، إلا أن لكل من هذه الدول حضورها ومنتجها، ووظيفتها المستقلة في اللعبة الدولية، ولا يمكن استبدال الآخر في علاقته مع أي لاعب ثالث.
وتبرز العلاقة الأسترالية- الصينية كخير مثال عن النظرة الغربية تجاه الصين، فيسعى البعض لتشويه سمعة بكين، ومحاولة كسر حلقة تطور مسارها.
وبعد عودة المسار السلبي التقليدي للمحافظين نحو الصين، مع تفضيل واضح لتطوير العلاقات العسكرية والسياسية مع واشنطن، كانت هناك عودة أكيدة لسياسة الأسلاف فيما يتعلق بالصين، بدايتها في الاقتصاد والتجارة.
وفي نيسان ٢٠١٤ زار رئيس الوزراء الاسترالي آنذاك توني أبوت الصين على رأس وفد كبير، بما في ذلك رئيس الوزراء الحالي سكوت موريسون، وخلال زيارة وزير التجارة الصيني إلى كانبيرا، تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وأستراليا. وقال أبوت: هذا يعني أن المستهلكين الأستراليين سيدفعون أقل للسيارات، والملابس، والإلكترونيات، والسلع الأخرى المستوردة من الصين.
تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية، بما يتماشى مع التوقعات المتفائلة، على الرغم من المشكلات السياسية التي ظهرت في بعض الفترات. ولا تزال الصين رائدة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لأستراليا بلا منازع، إذ يبلغ الفائض التجاري السنوي لأستراليا مع الصين ١٢٠مليار دولار.
وتشتري الصين ١٠٠% من خام النيكل الأسترالي و٩٥% من الخشب و٨٠% من خام الحديد و ٧٧ % من الصوف.
وحسب البيانات الخاصة بالنصف الأول من هذا العام، ليس هناك انتعاش سريع فحسب، بل زيادة حادة بالتجارة الثنائية، فضلاً عن توازن إيجابي بالنسبة لأستراليا، وبالرغم من الاضطرابات السياسية في العلاقات الصينية- الأسترالية في بعض الفترات والتأثير السلبي للقيود المتعلقة بـ «كوفيد ١٩» إلا أن الصين أصبحت الخصم الجيوسياسي الأساسي للحليف السياسي الرئيسي لأستراليا وهي أميركا.
وكانت أستراليا من قادة حلفاء واشنطن في عملية تنفيذ إستراتيجيتها للاحتواء السياسي والعسكري للصين.
وبعد سنوات طويلة من المنافسة السياسية، كتب الكثير من السياسيين والمحللين الاقتصاديين أنه كان من الممكن أن تحل الهند محل الصين في العلاقات الثنائية، إلا أن الحالة اليوم ميؤوس منها، لأن حجم اقتصاد الهند أصغر بخمس مرات من اقتصاد الصين، أما حجم تجارة أستراليا مع الهند فهو الآن أصغر بثماني مرات من حجم التجارة بين الصين وأستراليا.
وتالياً، فكل هذه المعلومات تؤكد حتمية اللقاء الصيني- الأسترالي، بالرغم من تبعية الأستراليين العمياء للأميركي، وما تنطوي عليه من إجراءات تؤثر سلباً على مسار العلاقة الثنائية، وأهمية البناء السليم على مصالح البلدين الحقيقية المتفاعلة مع المشاريع الاقتصادية، والاستفادة القصوى من إستراتيجية «الحزام والطريق» العالمية.
عن «نيو ايسترن آوت لوك»