بين مساري شنغهاي وخطة العمل الشاملة المشتركة

تستمر واشنطن بنهجها العدائي المتسلط تجاه دول إقليمية، من خلال سياستها غير المتوازنة التي تقوم على حجج غير صحيحة.

صقور البيت الأبيض ينظرون لتنامي قوة إيران كنوع من “التهديد” المباشر لمصالحهم، وتمثل عضوية إيران القادمة في منظمة شنغهاي للتعاون، معضلة إضافية للولايات المتحدة، كونها سترسخ إيران بشكل أعمق إلى جانب خصوم أميركا الإستراتيجيين.

سكرتير مجلس الأمن في الاتحاد الروسي نيكولاي باتروشيف أجرى اتصالاً مع نظيره الإيراني الأدميرال علي شمخاني يبلغه نبأ تذليل العقبات السياسية أمام إتمام عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، وأنها ستصبح قريباً عضواً دائماً فيها، حيث أقر كبار أعضاء المنظمة منحها العضوية الكاملة بغض النظر عن العقوبات الأميركية، وأن الدعم والتنسيق مع كل من روسيا والصين سيسهم في انحسار ملحوظ لقوة الموقف الأميركي والدعاية المضادة تجاه إيران.

وإلى جانب الانتكاسة الجيوسياسية للإدارة الأميركية في أفغانستان، أصبحت مسارات العمل السياسي والعسكري الأميركي تجاه إيران تؤرق النشاط الأميركي وتزيد من الانقسامات والتصادمات داخل أروقة الحكم في واشنطن، إذ يدافع الصقور عن مواقفهم المتشددة تجاه إيران، مثل السيناتور بوب مينينديز، المقرب من الرئيس جو بايدن، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهو يدعو إلى ما سماه «تقليم الجناحين النووي والجيوسياسي لإيران».

وجاء في رسالة كتبها مينينديز وآخرون إلى بايدن: «حتى لو حيّدنا برنامجها النووي، لا تزال إيران تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، من خلال تصدير الأسلحة، كالصواريخ عالية الدقة، ودعم فصائل المقاومة”.

ويجادل مينينديز، وليندسي غراهام (سيناتور وعضو بارز في الحزب الجمهوري) وغيرهما قائلين: «نعتقد بحزم أنه يجب استخدام القوة الكاملة لأدواتنا الدبلوماسية والاقتصادية بالتنسيق مع حلفائنا في مجلس الأمن، وفي المنطقة، في سبيل التوصل إلى اتفاق يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، ويقيد نشاطها المزعزع للاستقرار بشكل هادف في جميع أنحاء المنطقة».

وبعد مجمل التطورات الأخيرة في المنطقة، ودعم روسيا لموقف إيران للانضمام لمنظمة شنغهاي للتعاون، ستجد إدارة بايدن صعوبة بالغة في إجبار إيران على تقليص دورها في المنطقة عموماً، وفي سورية والعراق ولبنان على وجه الخصوص.

إن الموقف الذي اتخذه الديمقراطيون المؤثرون كمعارضين شديدين لإعادة دخول إيران في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) هو أحد الأسباب التي جعلت إدارة بايدن غير قادرة على التراجع بسرعة عن الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب للانسحاب من الاتفاق الذي أشرف عليه بايدن بنفسه.

لكن يبدو أن إدارة بايدن تتعرض لضغوط من الديمقراطيين الذين دعوا باستمرار لتعميق الخطوات الهادفة إلى إقفال جميع المنشآت النووية الإيرانية، بغض النظر عن مسارها مدنية أم عسكرية.

وفي مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» جادل كل من مينينديز وغراهام بأنه إذا كان الإيرانيون يرغبون حقاً في برنامج نووي سلمي، فعليهم أن يتقبلوا إنشاء بنك نووي للخليج العربي، بشرط التخلي عن تخصيب اليورانيوم المحلي وإعادة معالجته.

ومقابل معارضة القادة الغربيين لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، تصبح الصورة الإقليمية والدولية لإيران أقوى فعلياً.

وتؤكد دعوة باتروشيف طهران لمواصلة التعاون والتنسيق بخصوص قضايا المنطقة، على قدرة حلفاء الصين وروسيا على فرض حضورهم ودورهم.

وفي أعقاب ما تواجهه أميركا وحلف الأطلسي «ناتو» في أفغانستان، من المرجح أن يصبح الدعم الدولي لمغامرة عسكرية ضد إيران أو السعي وراء أهداف سياسية، أمر غير واقعي من جهة.. وطموح مفرط للغاية لإدارة بايدن تجاه إيران، وهذا كله سيعطي مزيداً من الثقة والقوة لإيران لتكون عضواً كامل الحقوق في منظمة شنغهاي.

عن «نيو ايسترن آوت لوك»

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار