أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إلى أنه عندما أعلن الرئيس جورج دبليو بوش عن أول عمل عسكري ضد أفغانستان في أعقاب الهجمات الإرهابية التي شنتها القاعدة في عام 2001، لم يكن الهدف من وراء ذلك تعطيل العمليات الإرهابية ومهاجمة طالبان.
خاصة أنه بعد عشرين عاماً، أصبحت طالبان تشكل قوة لا يستهان بها على الرغم من وجود القوات الأمريكية التي خلقت حالة من عدم الاستقرار في البلاد التي لم تنعم بالسلام والأمن منذ غزوها لأفغانستان.
اليوم يصرح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده ستنسحب من أفغانستان بحلول 11 أيلول من هذا العام، معلناً أن الوقت قد حان لإنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا، ما يطرح تساؤلاً حول تكلفة الحرب الأمريكية على أفغانستان.
ووفق الصحيفة نفسها، فإن وزارة الدفاع الأمريكية رفعت السرية عن تفاصيل بعض الإنفاق الأمريكي الحربي في أفغانستان، إذ كشفت تقارير نشرتها الصحيفة أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من تريليوني دولار على الحرب في أفغانستان خلال 20 عاماً.
وأظهرت وثائق أمريكية أن الميزانية التي أُنفقت في أفغانستان تجاوزت الـ300 مليون دولار يومياً، لمدة عقدين، أي حوالي 50 ألف دولار لكل فرد من سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليون نسمة، ورغم ذلك ما تزال الأرقام المنفقة مبهمة إلى حد ما.
وحسب محللين، فإن تكلفة هذا الغزو والوجود العسكري والأمني الأمريكي في أفغانستان لمدة 20 عاماً، باهظة للغاية أيضاً من الناحية البشرية، حيث قُتل آلاف الجنود الأمريكيين بالإضافة إلى مقتل أكثر من 450 جندياً بريطانياً ومئات آخرين من جنسيات أخرى.
وأضافت الصحيفة: “ازداد عدد القوات الأمريكية في أفغانستان مع ضخ واشنطن لمليارات الدولارات لمحاربة طالبان، فضلاً عن تمويل الولايات المتحدة لإعادة الإعمار في أفغانستان، لكن هذا العدد انخفض إلى 4 آلاف جندي بحلول كانون الأول من العام الماضي، مع تقلص الأرقام بشكل أكبر هذا العام، إلى جانب وجود أعداد كبيرة من المتعاقدين الأمنيين الذين يعملون لصالح الولايات المتحدة في أفغانستان، وقد شمل ذلك العدد اعتباراً من الربع الأخير من عام 2020 أكثر من 7800 متعاقد يحملون الجنسية الأمريكية، استناداً لبحث أجراه الكونغرس” .
ووفقاً لأرقام الحكومة الأمريكية، أوضحت الصحيفة ارتفاع تكلفة الحرب المالية إلى ما يقرب الـ100 مليار دولار سنوياً بين عامي 2010 و 2012، وبحلول عام 2018 تجاوز الإنفاق السنوي الـ 45 مليار دولار، حسب ما قاله مسؤول كبير في البنتاغون للكونغرس الأمريكي في ذلك العام.
وحسب تقارير وردت من وزارة الدفاع الأمريكية، تجاوز إجمالي الإنفاق العسكري في أفغانستان (من تشرين الأول من عام 2001 وحتى أيلول من عام 2019) 778 مليار دولار، بالإضافة إلى ذلك، أنفقت وزارة الخارجية الأمريكية، إلى جانب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد) ووكالات حكومية أخرى نحو 44 مليار دولار على مشاريع إعادة الإعمار، حيث تظهر البيانات الرسمية إنفاق الولايات المتحدة حوالي 143.27 مليار دولار على أنشطة إعادة الإعمار في أفغانستان منذ عام 2002، وقد أُنفق أكثر من نصف هذا المبلغ على بناء قوات الأمن الأفغانية، بما في ذلك الجيش الوطني الأفغاني وقوات الشرطة وفقاً لتقارير الحكومة الأمريكية.
وفي تقرير صدر العام الماضي، وصف المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان جهود مكافحة المخدرات بأنها “فاشلة”، وعلى الرغم من إدعاءات الولايات المتحدة بضخ مليارات الدولارات لمحاربة زراعة الخشخاش، إلا أن أفغانستان ما تزال الرائدة في هذا المجال حيث تعد مصدر 80 في المئة من إنتاج الأفيون العالمي غير المشروع .
وتخلص الصحيفة إلى القول؛ لا تزال أفغانستان تعيش في فوضى، وحسب مجموعة البحث في العنف المسلح فقد شهد عام 2020 مقتل عدد من الأفغان بالعبوات الناسفة أكثر من أي دولة أخرى في العالم، ولم يختف من هذا البلد “تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية” والجماعات المسلحة الأخرى فهي تنشط من جديد ويشجعها بلا شك انسحاب القوات الغربية المتبقية في أفغانستان.