تشرشل و شارلوك هولمز في أفغانستان !

إذا كان يصحّ للناس العاديين ألا يستفيدوا من تراكم خبرات و معارف التاريخ و الفكر و الأدب و السياسة، فإنه لا يصحّ أبداً لولاة الأمر و الحكام و السياسيين، ألّا ينتبهوا للحقائق التي قررها أصحاب العقول السابقون لهم. من الإجحاف أن نطالب شخصاً كـ الرئيس بايدن , أو جورج بوش الابن . بقراءة و فهم الفلسفات الأساسية ، أو تاريخ الحضارات ، و لكن هل يعقل أن بايدن لم يقرأ روايات شارلوك هولمز ، و لم يطلع على مقالات ونستون تشرشل ؟ الواضح أنه لم يقرأهما أيضاً ، أو لم يفهم ما فيهما إن قرأهما ، و إلا لما كان وقع بما وقع فيه في أفغانستان .
قبل 125 سنة ، سافر الصحفي الشاب المتحمس ونستون تشرشل إلى الحدود الشمالية الغربية للهند ، و أطل على الجبال و السهول لأفغانستان . و وصف حقيقة المنطقة و شعبها في مقالات شرحت الطبيعة القبلية لهذه الجبال و ناسها ، و أوضح معنى العداوات المتوالدة فيها ، و الحروب المستمرة فيها طوال التاريخ ، و وصف النزاعات الطائفية و القبائلية التي تجعلها أرضاً مملوءة بالألغام أمام أي قوة غازية ، و خلص تشرشل يومها إلى أن الشبان ( الطالبان) المتحمسين و العنيفين، المسكونين بالحماسة الدينية لن تنتهي حروبهم المقدسة .. لو قرأ بايدن و قبله بوش الابن وصف تشرشل لحقائق أفغانستان، لما تجرؤوا على الخوض في مقبرة الإمبراطوريات و لما عاش بايدن هذه الأيام عار هذه الهزيمة أما طالبان.
و أثناء بحثه عن شقة شمال لندن ، بعد عودته من الحرب في أفغانستان، يلتقي الدكتور واتسون بـ شارلوك هولمز الذي يعرف من النظرة الأولى أن الدكتور واتسون كان في أفغانستان ، قبل أن يخبره هو ، كيف أصيب قرب قندهار و كاد يموت . و بدءاً من حديث أفغانستان يصبح واتسون شريك شارلوك هولمز في التحقيقات البوليسية ، و دائماً كان حديث أفغانستان حاضراً بينهما ، و يبدو أنهما فهما ما كتبه تشرشل عن أفغانستان فهماً عملياً ، و أستفادا منه ، بينما لم يفعل بايدن أو جورج بوش .. لسوء حظ القوة العظمى ..

تصوروا كيف لرئيس ، و من ورائه إدارته ، ألا تستفيد مما التقطته بصيرة أبو بريطانيا الحديثة تشرشل ، و مما قبضت عليه ملاحظة المحققين الشهيرين ، و كما أشار ديفيد فون دريليه في الـ(واشنطن بوست) ، فإن بايدن و من سبقه ؛ تشيني , رامسفيلد, بوش الابن . لم يقرؤوا الكتب الكثيرة التي درست مرحلة السوفييت في أفغانستان . و بالفعل يبدو أن الرئيس بايدن و أمثاله مصابون بمتلازمة عدم التعلم ، و عدم الاستفادة من خبرات التاريخ و الفكر و الأدب .. إنها « متلازمة التناحة»، و عندما يكون الرئيس بليداً و متكبراً و « متنّحاً » على الحقائق و الوقائع من الطبيعي أن يأخذ بلاده إلى الهزيمة ، و لن ينفعه أن يلبس هزيمته ثوب الانتصار الموهوم . . عندها لا يهم ما هو اسم الرئيس ، إن كان بوش الابن أو أوباما أو ترامب أو بايدن … الخ ،لأن المهم أنه مصاب بعمى البصيرة و متلازمة التناحة التي تمنعه من احترام الحقائق و الخبرات السابقة و العمل وفقها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
لاعبو أنديتنا المحترفة غير راضين عن قيمة عقودهم... والسبب! يُخرِج منظومة التحكيم المحلي من مصيدة المماطلة الشكلية ويفعِّل دور النظام القضائي الخاص.. التحكيم التجاري الدولي وسيلة للاندماج في الاقتصاد العالمي غوارديولا ينفي انتقال البلجيكي دي بروين إلى الدوري السعودي تسلمت 1305 أطنان قمح من خارج جدول المقاييس.. "السورية للحبوب": لم نرفض حمولات القمح غير المطابقة بحلته الجديدة.. ملعب الميرنغي مخصصٌ للأغنياء بداية الموسم القادم الفنان عبد الهادي شماع: فنُّ الكاريكاتور في مرحلةٍ حرجة بعد انهيار تحالفهِ التاريخي مع الصحافة المأزومة أصلاً! التين الفاكهة المباركة.. فوائد جمة والغالي سعره فيه ظاهرة قديمة وتتجدد.. السرقة الأدبية المعاصرة ارتكاب متعدد الأوجه ..قابل للبراءة والتجريم بوليانسكي: الوجود العسكري الأميركي غير القانوني على أراضي سورية يعرقل استقرارها الجو شديد الحرارة في المناطق الشمالية والشرقية والجزيرة والبادية