أشار المحلل السياسي والاقتصادي الأمريكي البروفسور بيتر كونيغ، إلى أن قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان قرار غامض، قائلاً: “في الحقيقة ليس خروجاً كاملاً، ما تعنيه هذه المغادرة هو تعمد خلق حالة من الفوضى”، جاء ذلك في مقال نشره موقع “غلوبال ريسيرش”، حيث تساءل الموقع، ما هي أهداف إدارة بايدن حتى تسرع في سحب قواتها من أفغانستان؟ وخاصة عندما أثار الديمقراطيون عاصفة حقيقية من الانتقادات ضد الانسحاب المحتمل للقوات من ذلك البلد، وهل يمكن اعتبار الانسحاب الأمريكي من الأراضي الأفغانية انسحاباً من الشرق الأوسط الكبير؟
وبين الموقع، حسب كوينغ، أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ليس بفكرة جديدة فقد سبق وأن قررت الولايات المتحدة الانسحاب قبل فترة طويلة من تولي بايدن منصبه، وضغط الكونغرس على الإدارة الأمريكية لتسريع عملية الانسحاب تلك بعد حرب طويلة دامت أكثر من 20 عاماً، لكن اللافت أنه ومنذ أن وعد أوباما في بداية ولايته الأولى بسحب قواته من أفغانستان، وهو وعد لم يحترمه، دعا بايدن، نائب أوباما آنذاك، إلى تقليل الوجود الأمريكي في أفغانستان، لذلك، لا يمكن اعتبار هذا انسحاباً متسرعاً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أثار الديمقراطيون العديد من “العواصف” ضد الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، بما في ذلك انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وفي الواقع كانت معظم هذه “العواصف” دعاية مناهضة لترامب، مدعومة بقوة من وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة، حيث سبق وأن وضع بايدن منظور علاقة أفضل مع الصين على الطاولة في بداية حملته الانتخابية ولم يحدث شيء من هذا القبيل، بل اتبع سياسة وصفها محللون بـ”المتشددة” تجاه الصين، كما فعل سلفه ترامب، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية.
ووفقاً لـ كوينغ، إن خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، مخطط له، ولعل أهم ما تعنيه تلك الانسحابات عادة، خلق الفوضى عمدًا في بلد ما، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال تمركز القوات الأمريكية في بلد ما كما في العراق أو خوض حرباً في هذا البلد، وأحياناً أخرى بشكل غير مباشر عندما يكون للولايات المتحدة تأثير كبير على السياسة المحلية كما في مصر وتونس.
وأوضح كوينغ، بأن الانسحاب الأمريكي من أي بلد يتركه في حالة من عدم الاستقرار، ما يجعله ضعيفاً وممزقاً، وهو ما تريده الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يحدث الشيء نفسه في أفغانستان، أو على أقل تقدير تم التخطيط له في أفغانستان. لاسيما أن واشنطن تعلم أن أفغانستان توفر طرق عبور مثالية لمشروع “الحزام والطريق” الصيني الذي تحاربه واشنطن، وبالتالي لا ينبغي بأي حال من الأحوال اعتبار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان انسحاباً من الشرق الأوسط.
وأكد كوينغ بأن تولي طالبان زمام الأمور بسرعة بعد الانسحاب الأمريكي لا يعني بالضرورة أنهم سيكونون في موقع السيطرة لفترة طويلة، وخاصة أن أفغانستان تعد طريقاً مهماً لحزام الصين، لافتاً إلى أن المقاتلين الذين أنشأتهم المخابرات الأمريكية لمحاربة السوفييت في أفغانستان أصبحوا طالبان فيما بعد.
وختم كوينغ: لقد اعتادت الولايات المتحدة مراراً على إنشاء وتمويل معارضة في “بلد” ما ثم “التحكم عن بُعد” فيها. وهو ما حدث وما يزال في العراق، حيث يُزعم أن القوات الأمريكية غادرت منذ سنوات، بينما حقيقة الأمر خلاف ذلك.