تفرض التحولات الإقليمية والدولية في كل بقعة من بقاع العالم، جملة اصطفافات ترتبط بشكل وثيق بالمصالح الثنائية، واتفاقات اقتصادية وسياسية.
ويستمر التعاون الصيني- الروسي كجزء من التحولات الدولية، وبعد سياسة أميركا العدائية المدفوعة بالعقوبات والحصار الاقتصادي، تسعى بكين لتعميق سبل التعاون التجاري مع موسكو من خلال استيراد سلع متعددة تدخل في حاجة السوق الصينية.
وقد أجرت السفارة الصينية في موسكو مسحاً لتحديد السلع الروسية الأكثر طلباً بين المواطنين الصينيين الذين يعيشون في روسيا، بينما عبر العديد من الصينيين عن رغبتهم في رؤية المنتجات الروسية في المتاجر الصينية، لوجود إمكانات هائلة لتصدير البضائع من روسيا إلى الصين.
وذكرت السفارة الصينية برغبة بلادها زيادة إنتاج الصناعة الروسية الموردة للصين من خلال رفع مستوى القدرات التكنولوجية تدريجياً، والتركيز أكثر على توطين السلع الروسية لتلبية احتياجات السوق الصينية.
وتمثل الصين أكبر سوق عالمي للمنتج الغذائي، نتيجة التوسع الحضري السريع في البلاد، وانخفاض نسبة السكان القاطنين في المناطق الريفية، ما أدى لانخفاض الإنتاج الزراعي المحلي.. ولتجنب نقص الغذاء، تحتاج الصين لشراء منتجات عدة من دول أخرى.
ففي هذا العام ٢٠٢١، كانت كل من الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وروسيا كموردين رئيسيين للمواد الغذائية. ومع ذلك، تواجه الأرجنتين والبرازيل، وأستراليا صعوبات جمة.
وكانت الأرجنتين خفضت صادراتها إلى أقل من ٥٠ % من المستوى السابق، في محاولة لكبح ارتفاع الأسعار في السوق المحلية.
أما أستراليا وفي خضم أزمة اقتصادية سببها «كوفيد١٩» أدى لإغلاق المؤقت لمصانع اللحوم، وتوقف التصدير.. فيما بدأت الصادرات الزراعية البرازيلية بالتراجع بعد إغلاق مصانع عشرات المنتجين بسبب خطورة انتهاكات اللوائح الصحية.
ووفقاً لمركز تحليل السوق التابع لوزارة الزراعة الروسية، اشترت الصين هذا العام أكثر من ٣٥٠٠ طن من لحوم البقر من روسيا، أي ما يمثل أكثر من ٢٠ ضعفاً الرقم في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وتبرز مبادرة «الحزام والطريق» كأحد العوامل الرئيسية في تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، وما رافقها من تحديث للبنية التحتية، وإدخال طرق عبور أفضل لجعل نقل البضائع بين البلدين أكثر كفاءة.
وساهمت المنصة الروسية لدعم الصادرات الروسية، بزيادة صادرات المنتجات الزراعية الروسية للصين، إلى جانب الدعم الذي يوفره مركز تصدير موسكو لمشاريع التصدير المربحة.
إذ أعلنت المنصة الروسية عن أرباح بلغت مليار ونصف المليار روبل، ووفقاً لمحللي السوق، ستكون أحجام التجارة أعلى بشكل ملحوظ، ما يجعل الطلب على المنتجات الروسية بازدياد مستمر.
وتوضح المنصة أن الصعوبات التي تواجهها الشركات بالدخول للأسواق الصينية، ترتبط بالتأخيرات اللوجستية والبيروقراطية المتعلقة بالعمل الإداري.
وبالرغم من حجم الصعوبات والحواجز التي تواجه المنتجين الروس، تتمتع المنتجات الروسية بسمعة طيبة منذ فترة طويلة من حيث الجودة العالية.
ويثق الصينيون بالمستوى العالي والمتقدم للبضائع الروسية، ويحاولون حيثما أمكن شراء المواد الغذائية المستوردة من روسيا، كونها آمنة وصحية بيئياً.
وتستحوذ الصين على حوالي ٩٠% من صادرات روسيا من المكسرات والأصداف إضافة للمواد الداخلة بصناعة الأدوية.
وستزداد المبادلات التجارية مع زيادة الثقة بالموردين الروس، فمن المهم ملاحظة أن روسيا والصين تشتركان بحدود طويلة، ما يعني إمكانية تقليل التكاليف اللوجستية للحد الأدنى.
وتالياً، ستصبح روسيا المصدر الرئيسي للمنتجات الغذائية إلى الصين وغيرها من الدول الأخرى. وستحذو المزيد من الدول حذو الصين لتعطي الأولوية للمصدريين الروس بتسويق منتجاتهم.
عن «نيو إيسترن آوت لوك»