مهرجان عرامو (كان في قرانا).. تظاهرة اجتماعية وتراثية

بالألعاب الشعبية والرقصات والدبكات التراثية استقبلت قرية عرامو زوارها في مهرجان عرامو التراثي 2021، الذي شكل ظاهرة اجتماعية وتراثية مهمة لأهالي المنطقة خصوصاً وأهالي محافظة اللاذقية، والزائرين من خارج المحافظة عموماً، فمن خلال نشاطاته وفعالياته استطاع إعادة إحياء التراث والعادات الشعبية القديمة التي نفتقدها اليوم.
المهرجان الذي أقامه ملتقى القنديل الثقافي بالتعاون مع محافظة اللاذقية ومديرية الثقافة وعدد من الجمعيات الأهلية تحت شعار (كان في قرانا)، جاء فرصة لأهالي القرية وزائريها للتجول في القرية الحجرية القديمة، وزيارة كنيسة القديس استيفانوس للأرمن الأرثوذكس، أما السهرية على مدى الأيام الثلاثة التي يقام فيها المهرجان فتنوعت بين الأغاني التراثية والدبكات الشعبية، مع مجموعة من المطربين الشعبيين والزجالين وآلات موسيقية شرقية، (المجوز – الناي – الربابة وغيرها).
كما استطاع أطفال القرية من خلال فعالية (رسمة وبسمة) التي استهدفت الأطفال واليافعين بين 3 و16 عاماً من المشاركة بنشاط فني ترفيهي تفاعلي يحفز الروح الإبداعية والتفكير الخلاق.
أرض تُزار وشعب زوار
إنها عرامو أرض تزار، وشعب زوار فيها العراقة والأصالة، التنوع والتآلف والحلا والجمال، هكذا وصفها حيدر نعيسة الباحث في التراث الشعبي، ومدير المهرجان، وأضاف في حديثه لـ«تشرين»: مهرجان عرامو في دورته الثالثة هو بعث للماضي، وإحياء للتراث الشعبي، ومحاولة لإحيائه وحفظه، وتناقله بين الأجيال، وأداء للأمانة وتعزيز للتواصل واستمرار للحياة.
وأضاف نعيسة: يقام المهرجان بالتزامن مع أعياد وأيام مقدسة منها عيد السيدة العذراء، والأعياد الإسلامية، وإقامته محاولة للتأكيد على أن المنطقة التي طالها الإرهاب حية، وقادرة على أن تنتج وتعطي.. (درسٌ في الكتّاب) نشاط نوعي في المهرجان، وتأتي أهميته كما يقول نعيسة من أنه فرصة لإحياء وتعليم وتدريس اللغة الأرمنية، حيث يقوم المعلم بتعليم حروف اللغة الأرمنية وأرقامها كتابةً ولفظاً، مثلما كانت الحال عليها في مدرسة الأرمن القديمة، في قرية عرامو حتى النصف الثاني من القرن الماضي.
وأشار نعيسة إلى أن سباق إحراز قصب السبق هو أيضاً نشاط ذو أهمية، فهو إحياء للألعاب الشعبية، التي كانت على عادة أجدادنا العرب، عندما كانوا يضعون في نهاية المضمار قصباً يفوز من يصل إليها، ويعود بها أولاً فيحرز قصب السبق، وهو في هذه المسابقة قصب بألوان العلم العربي السوري، حيث تجري مسابقة الجري ما بين ساحة مدرسة عرامو وعين الدير الواقعة على الطريق العام، وسط غابة خضر الدير شمال القرية وهو فرصة للتعرف ورؤية جمال طبيعة القرية.
قالوا فيها زجلاً:
يا طير سلملي على عرامو
كل ما طيورها بالسما حاموا
سلم على أهلها وبيوتها

أغنية شعبية أداها المطرب وشاعر الزجل علي حيدر، وغيرها من أغاني الزجل، مبيناً فيها جمال قرية عرامو والتغني بتراثها، وفي حديثه لـ«تشرين» قال: من المهم تسليط الضوء على تاريخ سورية العريق وتراثها عن طريق الفعاليات والمهرجانات التراثية والثقافية، ومهرجان عرامو ينقل بعضاً من تراث الأجداد، مشيراً إلى أهمية إحياء أغاني الزجل بين الأجيال، لما يحمله هذا النوع من رقي وعراقة وأصالة تستحق أن تخصص لها فرقة خاصة في الساحل السوري وفي جميع المناطق السورية.
وأكد زوار المهرجان ومنهم لمياء وهناء مرعي القادمتان من مدينة اللاذقية، أن المهرجان فرصة للقادمين من خارج القرية للتمتع بجمال طبيعتها وهوائها المنعش، ومشاركة الطائفة المسيحية بعيدها الذي يتزامن مع المهرجان، وقد لمسنا طيبة أهل القرية الذين استقبلونا بابتساماتهم الجميلة، وتقديم فواكه وخضار من إنتاج قريتهم، كالتفاح والعنب والهريسة بالقمح والدجاج و خبز التنور الطازج.
جسّد إرادة أهلها
بدورها بينت أحلام الرفاعي – رئيسة اللجنة الإعلامية بالمهرجان أن أهالي عرامو يجسدون قوة الإنسان بإرادته القوية، بعد انتصارهم على قوى الظلام والعصابات الإجرامية، مؤكدين استمرارية الحياة بعزيمة وإصرار رغم الصعوبات، لافتة إلى أن المهرجان يعدّ عاملاً سياحياً مهماً لناحية التعريف بمواقع سياحية رائعة، وتسحر الناظر في هذا الريف الخلاب.
وبينت الرفاعي أن فعاليات وبرنامج المهرجان كانت متنوعة للكبار والأطفال، حيث تضمنت فقرات لإلقاء الشعر وعروضاً لرقصات شعبية لفرقتي جابالاو بانوراما للفنون الشعبية، وفرقة عرامو للرقص الشعبي، كما سلط المهرجان الضوء على الأعمال التي يجيدها أهل القرية، من خلال معرض لأعمال فنية مصنوعة من القصب ومنحوتات محفورة على الخشب ومنتجات يدوية من إنتاج القرية كالنباتات العطرية والمجففات وأطباق القش والحبوب بأنواعها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار