بخمس دقائق من الخيال الجامح أزور بلاداً وبحاراً ومدناً سحريةً لم تخطر على بالِ السندباد، ولم تطأها قدما الرحّالة «ماركو بولو»، وما وردت في حكايات ألف ليلة وليلة، وعجز عنها ابن بطوطة.
أبحِرُ في لذاذاتِ الأوهام فأُظهِرُ خوارقي وحيلي وأعاجيبي، أتكلم خمس لغاتٍ، بل عشراً.. أعدل طريقتي في الكلام وأصبح أميرَ النظرات والغمزات.
بخمس دقائق من الخيال أصبحُ سباحاً خارقاً أمهر من أسطورة البحر «بوسايدون»، وعدّاءً أسرع من جدّي «الشّنفرى»، وفارساً يجعل عنترة العبسيّ يخجل من نفسه، وعاشقاً يستأنِسُ به «المجنون» وهو ينوح مع غزلان الفلا.
بخمس رمشاتٍ من عينيّ الحالمتين أتحالى بطائراتٍ شراعيةٍ فوق جبال سويسرا، أو أتبختر بسيارات الرفاهية، وأخشخِشُ بمفاتيح شاليهاتٍ في جزر الباهاماس، وأجعل السمراوات والشقراوات والخلاسيات وذوات العيون الكحيلات ولهاتٍ بي.
بخمس دقائقَ لازورديةٍ أوسّعُ المدى كيفما أشاء، ألوّنُ الغيم بأقواس قزحي، أحلّقُ وحيداً وبعيداً مثل نسر، أرقّصُ خيلَ قلبي وأدرّبها على الخبَبِ في براري العزلة الخضراء، أروّضُ ذئاب روحي وأولمُ لها خطاياي لأنقصها واحدةً واحدة، أذوبُ مثل فراشةٍ غضّةٍ إنْ مسّتني نار العشق، وأيبسُ أجفُّ مثل شوكة في الصحراء من عطشِ الحب.
بخمس دقائق فقط أبني بلاداً لائقة وأوطاناً حنونة وبيوتاً مطمئنة وأناساً سعداء.
لكن في الواقع وكما تقول فيروز؛ أقول لكم: «اعطوني خمس دئايئ بس…اتسمّع عالموسيقا»…وخذوا ما شئتم من الصدى والأوهام.