أوراق أفغانستان .. الكذب خلاص المهزومين !!

إن كان للتاريخ أن يعلّق للإدارات الأميركية المتعاقبة “وساماً” على ما فعلته في أفغانستان و العراق ، فلا بدّ أنه سيختار (وسام الكذب و الوهم و الخداع و استدامة الإرهاب) لأنهم دأبوا على إخفاء فشلهم ، و تغطية خيباتهم طوال عشرين عاماً بالكذب و الوهم ، و ادعاء الانتصار ، و بنكران استدامتهم للإرهاب … و هذا ما أكده كتاب ( أوراق أفغانستان : التاريخ السري للحرب في أفغانستان ) الذي سيصدر خلال أسبوع، والذي ناقشته «الواشنطن بوست» وعرضت بعض مقتطفاته الدالة ..
يخلص الكتاب إلى أن أميركا عبر تدخلها و حربها في أفغانستان راكمت الخيبة فوق الخيبة , و الفشل وراء الفشل ، و لكنها كانت تغطي خيباتها بادعاءات الانتصار الكاذبة ، و باعتماد تعميم الوهم المنتصر ، و الاحتفال به ، كما فعل أوباما في العام 2014 ، حيث احتفل بالوهم ، معلناً انتصاراً متخيلاً متوهماً ، يبرر له الانسحاب ، و يغطي الهزيمة . إنه ( وهم الانتصار ) كعلاج للهزيمة الأميركية و لفشلها في محاربة الإرهاب ، بل لاستدامتها له .
غزت أميركا أفغانستان و بعده العراق بدعوى الحرب للقضاء على تنظيم القاعدة الإرهابي، و معاقبته على هجماته في 11 أيلول على الداخل الأميركي ، و أعلنت واشنطن أنها ستقضي على (دولة طالبان) التي تؤوي و ترعى القاعدة، و بعد عشرين عاماً، من حرب القوة العظمى مع هذين التنظيمين المؤلفين من متخلفين و حفاة ، تخرج اليوم من أفغانستان و طالبان أقوى ، و تكتسح البلاد ، مستعيدة السيطرة على الأقاليم، وتنظيم القاعدة ، خلال حرب أميركا ضد الإرهاب. في أفغانستان و العراق باتـت له أشكال متعددة من “النصرة إلى حراس الدين إلى أنصار بيت المقدس إلى داعش …. إلخ” . أي إن مهمة القضاء على إرهاب القاعدة و من يؤويها و يرعاها فشلت فشلاً ذريعاً ، و هزمت أميركا هزيمة نكراء ، و مازالت أوهام الانتصار الأميركي تصدح في الإعلام و في خطابات الساسة ، بينما تستعيد “طالبان” سيطرتها و تجدد “القاعدة” قوتها ، و هذا ما أوضحه كتاب أوراق أفغانستان بالوثائق .
ما قصّر ( أوراق أفغانستان) في كشفه هو أسباب هذا الفشل الأميركي ، و لم يرد في الكتاب أن غطرسة القوة أعمت صناع القرار عن حقائق الواقع الأفغاني , و استكبار العظمة العسكرية شوشت رؤية القادة ، فظنوا أن القصف و التدمير و القتل يوصل للنصر ، و يقضي على الإرهاب . و نسي الساسة و هم يديرون الحرب أن أساس الانتصار على الإرهاب هو إزالة أساس الفكر التكفيري من عقل و وجدان المتسلحين به ، و تجاهل القادة أن الانتصار على “طالبان” و “القاعدة” يستلزم توفير بديل مقنع لأتباعهما يوفر لهم الحياة الكريمة و الإحساس بالطمأنينة ، و كانت مصيبة الحرب الأميركية على الإرهاب ، أنها اقتصرت على الجانب العسكري ملغية جوانب الحرب الأخرى الحاسمة من الإيديولوجية و الاقتصاد و الإقناع ، و الاكتفاء بالاستكبار العسكري كان وراء كل الخيبات و الهزائم .
كتاب ( أوراق أفغانستان ) الذي يشبه بتسميته قضية ( أوراق البنتاغون ) و إذا كانت الثانية كشفت أسرار الحرب الفيتنامية . فإن الأول يروي التاريخ السري للحرب في أفغانستان، و اعتمد على أكثر من 1000 شهادة شفهية لعسكريين قادة و أفراد و مسؤولين في البنتاغون ، كما اعتمد على الوثائق السرية التي تم الكشف عنها مؤخراً ، و بذلك فهو كتاب بمثابة حكم بالأدلة ، و باعتراف الفاعلين يدين الإدارات الأميركية ، بخوض حربٍ ضد الإرهاب في أفغانستان ، و بعدها في العراق بالكذب و التلفيق و ادعاء الانتصار لتغطية الهزيمة المتراكمة .. عشرون عاماً من الحرب ، و النتيجة انتصار متوهم ، و عودة الإرهاب و “طالبان” أقوى .. إنه جنون الاستكبار !!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار