تسببت فيضانات تعد الأسوأ في تركيا منذ عقود في مقتل 40 شخصاً شمال البلاد في حصيلة مؤقتة، إثر أمطار غزيرة هطلت ليل الثلاثاء الأربعاء، وتأتي بعد سلسلة حرائق أودت بحياة ثمانية أشخاص.
هذا، وتتفاقم الضغوط على رئيس النظام التركي بسبب تقصير حكومته وتقاعسها عن تحذير الأتراك وأيضاً لاتخاذ تدابير تحد من انبعاث الغازات الدفيئة، خصوصاً أن بلاده من الدول النادرة التي لم تتبن اتفاق باريس للمناخ في 2015.
فقد أعلنت أجهزة الطوارئ التركية عن ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات العارمة التي اجتاحت مؤخراً شمال البلاد إلى 40 قتيلاً على الأقل.
وأكدت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد” اليوم السبت أن 34 من هؤلاء الضحايا لقوا مصرعهم في ولاية قسطمونو وستة آخرين في ولاية سينوب، كما لا يزال البحث جارياً عن مفقود في ولاية بارطن، بينما يتلقى تسعة مصابين الرعاية الطبية في المشافي.
وأشارت الإدارة إلى أن أعمال الإنقاذ والبحث والإجلاء مستمرة في الولايات الشمالية الثلاث المتضررة بالسيول.
وتأتي هذه الفيضانات التي تسببت بها أمطار قوية ليل الثلاثاء الأربعاء، في وقت لا تزال البلاد تتعافى من حرائق ضخمة أودت بحياة ثمانية أشخاص في منطقة الجنوب السياحية.
ويرى عدد كبير من العلماء أن الكوارث الطبيعية مثل تلك التي تتوالى في تركيا، قد تصبح أكثر تواتراً وشدة.
وسيطرت الصدمة على بعض الناجين حيث عبروا عن غضبهم حيال السلطات المحلية، متهمين إياها بعدم التحرك بالسرعة اللازمة لجعل السكان في أمان.
وفي السياق، قالت أرزو يوجل التي فقدت أثر ابنتيها وأهل زوجها إثر انهيار مبنى سكني: “قالوا لنا فقط أن نضع سياراتنا في مكان آمن، لأن النهر قد يفيض. لم يقولوا لنا أنقذوا حياتكم وحياة أبنائكم”. مضيفة: لو تم تحذيرنا، لغادرنا في أقل من خمس دقائق لم يُطلب منا إخلاء المبنى”.
وبعد تساقط أمطار غزيرة، ارتفع مستوى المياه إلى أربعة أمتار في بعض المدن حسب السلطات، وغرقت شوارع مدن كاملة في سيول جرفت سيارات.
وشاهد آدم سينول (75 عاماً) المياه تحاصر خلال بضع دقائق منزله في محافظة بارتين. وقال: “لم أر شيئاً كهذا من قبل”. وتابع: “ارتفعت المياه إلى فوق نوافذنا وكسرت بابنا وحتى حائط حديقتنا”.
بدوره، قال وزير الزراعة والغابات بكر باك دميرلي: “إنها كارثة لم نعش مثلها منذ 50 أو مئة عام ربما”.
وفي مواجهة ارتفاع منسوب المياه، اضطرت فرق الإغاثة إلى إجلاء 45 مريضاً من مستشفى في منطقة سينوب الساحلية. وأظهرت مشاهد بثتها قنوات التلفزة وانتشرت على منصات التواصل عملية إجلاء قرويين في مروحية بعدما لجؤوا إلى أسطح منازلهم. وانهارت جسور عدة إثر انزلاقات أرضية.
وتتوقع مصلحة الأرصاد الجوية تواصل هطل الأمطار في المناطق المتضررة في سائر أيام الأسبوع. وتشهد المناطق التركية المطلة على البحر الأسود فيضانات بشكل متكرر. وقبل شهر، قتل ستة أشخاص في ريزي شمال شرق البلاد.
وبعد هذه السلسلة من الكوارث الطبيعية المتكررة التي ضربت تركيا، كثف العديد من السياسيين والجمعيات ضغوطهم على أردوغان كي يتخذ تدابير جذرية للحد من انبعاث الغازات الدفيئة. وتعتبر تركيا من الدول النادرة التي لم تتبن اتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015.
وقبل عامين من انتخابات تبدو صعبة لأردوغان على خلفية الانهيار الاقتصادي، تمثل هذه الكوارث الطبيعية تحدياً سياسياً بالنسبة إليه.
وأثار أردوغان الغضب خلال زيارته المناطق المنكوبة بسبب الحرائق في أواخر يوليو/ تموز، عندما رمى للناجين أكياس شاي من حافلة. حيث إن منتقديه رأوا في ذلك مؤشراً إلى انعدام التعاطف مع المنكوبين بعد الكارثة.