عجز أميركي أمام قوة الصين التكنولوجية

تعمل واشنطن جاهدة لوقف تصاعد قوة الصين التكنولوجية، وتختصر كل محاولاتها ومسارات السياسة العالمية بإجراءات تعسفية عنصرية بحق الدول والشركات وحتى الكيانات المستقلة التي تقيم أعمالاً ومشاريع مع الشركات الصينية، وهذا ما يضع أميركا في خانة العنف السياسي والاقتصادي غير المسبوق.

مجلس النواب الأميركي أقر مؤخراً مشروع قانون يمنع العلماء ومراكز الأبحاث من تلقي تمويل حكومي إذا كانوا يشاركون في مشروع تموله الصين. وهذه الخطوة الأميركية كجزء من إستراتيجية شاملة للمواجهة التكنولوجية مع الصين.

ويسعى الكونغرس إلى عرقلة قدرة الصين على توظيف علماء وأكاديميين في الولايات المتحدة، في إطار تحركات أوسع في واشنطن لمواجهة نفوذ متنام لبكين، كما أفادت وكالة “بلومبرغ”.

لقد تبنت الصين بداية العام ٢٠٠٠ برنامج ألف موهبة لتوظيف علماء من الطراز العالمي للعمل في البلاد.

وبموجب البرنامج يتم توفير ظروف عمل جاذبة للغاية لهؤلاء المهنيين، من خلال أجور قد تصل لأعلى مما هي عليه في الدول المتقدمة، وإعفاءات من التأشيرة لأفراد الأسرة، ودرجة عالية من الحرية العلمية، وتقليل مظاهر البيروقراطية، إضافة لإعداد تقارير ودراسات دورية عن نتائج العمل.

في البداية، كان البرنامج موجها أساساً للعلماء الصينيين الذين تدربوا وعملوا في الخارج، ومع ذلك تم توسيع البرنامج لاحقاً ليشمل كبار العلماء ومن جنسيات أخرى، لاسيما بالنسبة للأشخاص والخبرات التي تتعاون مع بكين.

ووفقاً لمنظمة الاستشارات الأميركية، يعمل البرنامج أصلاً لتزويد العلماء الصينيين بظروف عمل مساوية على الأقل للموجودة في أميركا.

وأشارت وكالة بلومبرغ، إلى أن مشروع قانون أقرّه مجلس النواب أخيراً، لتعزيز البحث والتطوير في الولايات المتحدة، سيمنع علماء وأكاديميين من المشاركة في مشاريع بحثية تموّلها واشنطن، إذا كانوا يتلقون أيضاً دعماً من بكين.

وقال النائب الجمهوري راندي فينسترا، الذي قدّم المشروع، خلال جلسة استماع في هذا الصدد: “طيلة سنوات، عمل الكونغرس، ووكالات أبحاث فيدرالية، ووكالات الأمن القومي، والجامعات، على استئصال توظيف أجنبي خبيث للمواهب.. حان الوقت لمنعهم من تلقي دولارات دافعي الضرائب الأميركيين”.. وحصل المشروع على الدعم، لاسيما أن الولايات المتحدة أقرت سابقاً قانون الابتكار والمنافسة، والذي تضمن استثماراً حكومياً بقيمة ٢٥٠ مليار دولار في الأبحاث الأساسية والتكنولوجيا المتقدمة.

وتم تصميم القانون لزيادة القدرة التنافسية للولايات المتحدة في العلوم والتكنولوجيا، لذلك يقترح مشروع قانون “فينسترا” أنه لكي تكون مسؤولاً عن توزيع التمويل، يجب أن تحظر مؤسسة العلوم الوطنية، التعاون مع الدول والكيانات الخارجية، لاسيما الصين.

وتشمل الوثيقة دولاً أخرى كروسيا وإيران وكوريا الديمقراطية، ليبقى الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، تقييد التعاون مع الصين كمنافس اقتصادي وتكنولوجي رئيسي للولايات المتحدة.

وإذا كان تقييد الاتصال بين العلماء سيعوق تنمية الصين على المدى القصير، فإن هذا لن يجلب أي فائدة للشركات الأميركية الكبرى، لاسيما تلك التي تم بناؤها بمواهب أجنبية.

لقد قام باحثو ماركو بولو بتحليل أنجح المقالات حول الذكاء الاصطناعي التي تم الاستشهاد بها، وتقديمها عام ٢٠١٩ في المجلات العلمية، ومن بين الأوراق المقدمة في أكبر حدث سنوي، مؤتمر لأنظمة معالجة المعلومات العصبية، وتم تأليف الكثير من الأبحاث، ٣٠ % منها بواسطة علماء صينيين.

وعلى الرغم من أن الصين أمامها طريق طويل لتقطعه، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل إريك شميدث الذي يرأس لجنة الذكاء الاصطناعي الأميركية، إن الصين تسد الفجوة مع أميركا بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعاً.

ويعتقد شميدث أن الولايات المتحدة لا يمكنها الحفاظ على تفوقها على الصين، إلا إذا اتحدت مع اليابان وكوريا الجنوبية.

ويبدو الخيار الأخير صعب التحقيق، حتى في خضم “أجواء التعاون”.

وهناك احتمال سعي الصين لتعزيز التعاون مع كوريا الجنوبية واليابان في هذه المجالات.

وبالنسبة لطوكيو وسيئول تعد الصين أهم شريك تجاري لهما، على الرغم من التحديات الجيوسياسية المرافقة. ففي عام ٢٠١٩، ذهب ربع إجمالي صادرات كوريا الجنوبية إلى الصين.

وتعد الصين ثاني أكبر سوق تصدير بنسبة تصل إلى ٢٠% من إجمالي صادرات اليابان. وتتوقع وكالة موديز أنه بموجب الخطة الخمسية ستزيد الصين الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة تصل إلى ٧% سنوياً.

ووفقاً لتوقعات موديز، سيستفيد الشركاء اليابانيون والكوريون الجنوبيون بشكل كبير من إستراتيجية تطوير التكنولوجيا في الصين.

تالياً وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تحاول احتواء التقدم التكنولوجي السريع للصين، إلا أن عقوداً من الاعتماد على الخبرة الأجنبية، أضعفت مجموعة المواهب الأميركية، وفتحت فرصاً خاصة للباحثين الصينيين والهنود، مع قدرة الصين تقديم ظروف متساوية أو في كثير من الحالات متفوقة على الغرب.

وهذا يؤكد فشل واشنطن وعدم مقدرتها على فرملة التطور الآسيوي عموماً، والصيني على وجه الخصوص، وستسعى جاهدة لعرقلة هذا التطور بكل الوسائل الممكنة، بغض النظر عن النتائج.

عن موقع غلوبال ريسريش

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار