«موزاييك» مبادرة جديدة في حلب لإعادة إعمار النفوس

لا يملّ أهالي حلب رغم قساوة الظروف التي تمر بها مدينتهم بسبب الحرب على سورية، وسط التغاضي عن حل مشاكلها المتراكمة، من إنتاج مبادرات اجتماعية واقتصادية تسهم ولو جزئياً في إعادة إعمار العاصمة الاقتصادية، وترميم الحجر والنفوس معاً، وهذا غير مستغرب عن الذين عرفوا بأنهم أهل إنتاج وعمل، لتكون آخر هذه المبادرات مبادرة «موزاييك» التي تحظى بدعم من وزارة الشؤون الاجتماعية، وترعاها الكنيسة الإنجيلية العربية، ويتشارك في تفعيلها وتوسيع نطاقها على الأرض عدد كبير من الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية والمحلية والمؤسسات التنموية كالأمانة السورية للتنمية.
مبادرة «موزاييك» المجتمعية التي أطلقت نشاطها منذ شهر تقريباً، أقامت على مدار يومين متتاليين عروضاً تقنية على مسرح دار التربية الثقافية بحضور ممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وحشد كبير من المنظمات الإنسانية المهتمة، والشخصيات الرسمية والدينية والشعبية، الراغبة في المساهمة في تقديم المعونة والمشورة لإعادة الحياة الطبيعية إلى مدينة حلب، التي تعرضت بسبب الحرب الإرهابية على سورية إلى مشكلات اجتماعية كثيرة، تحتاج إلى بذل مجهود كبير من أهلها بالدرجة الأولى للخلاص من تداعياتها تدريجياً، ولهذا الهدف انطلقت هذه المبادرة التي يعمل فيها عدد كبير من الشباب المهتمين، والمعول عليهم في عملية إعادة إعمار مدينة حلب وإرجاعها إلى سابق عهدها.
مبادرة «موزاييك» التي لخصت نشاطها وعملها بعشر نقاط مهمة، هي «تماسك ومواطنة وسلام وتعزيز وحوار واختلاف وجندرة وعادات وتقاليد وتنمية المجتمع ودور الشباب والمرأة» حاولت في عروضها التقنية توضيح نشاطها الاجتماعي الممثلة بهذه النقاط بعروض فنية تحاكي ما تقوم به على الأرض، بالتعاون مع الجهات المعنية، فمثلاً قدمت عروضاً تتعلق بكيفية التعاطي مع ذوي الاحتياجات الخاصة، والنظرة المجتمعية المغلوطة تجاههم، وضرورة معاملتهم برفق من دون جرح مشاعرهم أو السخرية منهم، والتقليل من قيمتهم ومكانتهم في المجتمع، إضافة إلى التوعية بخطورة زواج القاصرات، والعادات الاجتماعية الخاطئة بهذا الشأن، وأهمية عمل المرأة وتغيير النظرة المجتمعية للمرأة، والعادات البالية فيما يخص ذلك، بحيث لم يعد يقتصر دور المرأة على الزواج وتربية الأولاد، والاهتمام بشؤون البيت، وإنما أصبح من حقها التعليم والعمل لكونها تعد ركناً أساسياً في المجتمع، وكذلك العروض التقنية عن جرائم الشرف، التي تذهب ضحيتها العديد من الفتيات بسبب العادات والتقاليد البالية في المجتمع، والتي لا تزال قائمة حتى الآن.
القس إبراهيم نصير قال في بداية افتتاح العروض التقنية لمبادرة «موزاييك»: «إن قوة المحبة والعطاء والتعاون بين المجتمع وأبنائه رغم كل ما مرت به حلب دليل على قوة الحياة عند أهالي حلب، ومؤشر على أن الله مع سورية وشعبها»، لافتاً إلى أن مبادرة «موزاييك» تحتاج إلى كل شخص للمساهمة في بناء وإعمار مدينة حلب والنهوض بواقعها، مشيراً إلى أهمية المشاركة الكبيرة من المنظمات المحلية والدولية لتحقيق الأهداف التي وضعتها مبادرة «موزاييك» نصب أعينها، لافتاً إلى أهمية مشاركة المجتمع الإهلي والمنظمات والجهات الحكومية في العمل المجتمعي على نحو يسهم في إنجاز المطلوب بأسرع وقت ممكن.
ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حسام قرجلي أكد أن الوزارة تدعم هذه المبادرات المجتمعية، وتقدم كل ما هو مطلوب لإنجاحها وتحقيق غاياتها الإنسانية.
بدورها تامي ديكرمنجيان المسؤولة في مبادرة «موزاييك» أكدت أن «موزاييك» تؤكد أن الإنسان هو محور المجتمع، فهي قوة حلب ومستقبل حلب، حيث نجد في «موزاييك» قطعاً صغيرة وكبيرة تجتمع معاً لتشكل «موزاييك» يضم فئات مختلفة من المجتمع في حلب، مع وجود تعاون وتشارك مع جمعيات ومؤسسات تنموية ومنظمات إنسانية وغيرها، فالهدف المساهمة في الإضاءة على المشاكل التي تعرضت لها مدينة حلب والمشاركة في حلها، وتقديم الوعي والتوعية للخلاص من بعض العادات والتقاليد والمساهمة في إعمار حلب وإرجاعها إلى أفضل ما كانت عليه.
ت: صهيب عمراية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار