في العام 1939 أطلقت بيلي هوليداي أغنيتها «الفاكهة الغريبة» وعدّها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية آنذاك «إدغار هوفر» خطيرة بعدائها لأمريكا. لأنها تناصر حقوق “السود”, وتواجه الظلم الواقع عليهم, وبدأ هوفر حملة لإسكاتها, ومنع الأغنية والمغنية, وبعد ثمانين عاماً, تعيد السينما رواية هذه الأغنية بالتوازي مع حملات «حياة السود مهمة», وبالتزامن مع صعود العنصرية العرقية من جديد, وتضمن الفيلم المنتج هذا العام 2021, والمسمى «الولايات المتحدة بمواجهة بيلي هوليداي» صفحة معبرة من تاريخ مواجهة العنصرية الأميركية, و لو بـ« أغنية».
مغنية الجاز بيلي هوليداي اتخذت مع كاتب الأغنية موقفاً غاضباً ضد العنصريين “البيض”, الذين كانوا يهاجمون “السود”, ويقتلونهم بغير حق, بشنقهم على الأشجار, وتروي الأغنية, كيف أن هذه الأشجار باتت تحمل «فاكهة غريبة» هي أجساد الضحايا “السود” المقتولين غدراً بعنصرية “البيض”, التي مازال أتباع ترامب «الجمهوريون» يتغنون بها, ويشيدون حتى بالعبودية, وبسبب انتشار هذه الأغنية منذ إطلاقها, وبسبب تأثيرها الكبير, عدّها«هوفر» والإدارة الأميركية خطراً على الولايات المتحدة , وحاول ترهيب بيلي كي لا تغني الأغنية, وسعى لمنع الأغنية, لكنها انتشرت, ولم يجد إلا أن يلاحق بيلي بتهمة المخدرات, وتلفيق جرم التعاون مع المورد على توزيعها, و طوال عشرين عاماً, تعرضت خلالها بيلي للسجن, ظلت الأغنية مؤثرة و منتشرة, وظل مكتب التحقيقات منشغلاً بمحاولة منعها وإسكاتها. برغم أن العالم كان منهمكاً في مصائب الحرب العالمية الثانية, وما نتج عنها.
الفيلم المأخوذ عن كتاب «جوانا هاري» المعنون بـ« مطاردة الصرخة». الذي عدّ الأغنية صرخة “السود” المطالبة بحقوقهم الإنسانية والمدنية, وهي الصرخة المحتجة على العنصرية الوحشية الأميركية, هذه العنصرية التي جعلت الرئيس جون كينيدي يكرّم «هاري إنسلينجر» المسؤول المخابراتي الذي لاحق بيلي هوليداي وأغنيتها, كأفضل رجل أميركي يحارب المخدرات وبذلك, يدين الفيلم عنصرية الأميركيين من العميل المخابراتي إلى الرئيس كينيدي الذي ضللوه بتصوير القضية له أنها قضية مخدرات, ويعلي من قوة وتأثير الأغنية الصرخة, التي كانت كسلاح ثقافي فني إبداعي في مواجهة الولايات المتحدة وعنصريتها.
من كلمات الأغنية : يا لها فاكهة غريبة تحملها أشجار الجنوب / دماء على الأوراق ودماء عند الجذور / جثث سوداء تتأرجح في نسيم الجنوب / إنها لثمار غريبة تتدلى من الحور الممشوق …. و إذا فاكهة بيلي هوليداي الغريبة تتدلى من على الأشجار, فإن فاكهة هذه الأيام , تختنق تحت قدم شرطي, كما حصل لـ جورج فلويد, وهي العنصرية الوحشية البغيضة المستمرة حتى اليوم, ومازالت هذه العنصرية تلاحق الصرخة في أميركا, وفي كل بلد يحتج على وحشيتها.