أكد مقال نشره موقع “مون أوف ألاباما” الأمريكي أن سياسة الإدارة الأمريكية الخارجية فيما يتعلق بالاتفاق النووي فشلت فشلاً ذريعاً، فعلى الرغم من أن الرئيس جو بايدن كان وعد خلال حملته الانتخابية بالعودة إلى هذا الاتفاق، فإنه لم يتبع أي إجراء لتحقيق ذلك، بل على العكس فالمحادثات مع طهران لم تبدأ إلا بعد فوات الأوان وفوقها فقد تضمنت مطالب جديدة لا يمكن لطهران أن تقبل بها.
وقال المقال: تتجلى غطرسة إدارة بايدن في اعتقادها أن بإمكانها إملاء الشروط على طهران، على الرغم من أن الولايات المتحدة هي من انسحب من الاتفاق النووي من جانب واحد وأعادت فرض عقوبات “الضغط الأقصى” على إيران، في حين أن الأخيرة أبدت استعدادها لتخفيض برنامجها النووي مرة أخرى إلى الحدود المنصوص عليها في الاتفاق عند رفع الولايات المتحدة جميع العقوبات.
ورأى المقال أنه في حال عدم عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، فستتخلى إيران في النهاية عن الاتفاق وتواصل برنامجها النووي بالشكل الذي تريده، ما يعكس فشلاً ذريعاً لتكتيكات بايدن المتشددة، وهنا يبرز التساؤل التالي: ماذا تنوي الإدارة الأمريكية فعله عندما يحدث ذلك؟
وتابع المقال: تعتقد إدارة بايدن أن بإمكانها تشديد العقوبات على تجارة النفط الصينية مع إيران، إذ أكدت نائبة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان أن بلادها تأمل أن تتمكن من رفع العقوبات على قطاعي الطاقة والبنوك في إيران، بما في ذلك الكيانات الصينية التي تشتري النفط الإيراني إذا اتفقت الولايات المتحدة وإيران على عودة متبادلة للاتفاق النووي، مشيرة إلى أن بلادها ستنظر أولاً في سياسة إنفاذ العقوبات الخاصة بها إذا لم تكن هناك عودة، وذلك عندما التقت بوزير الخارجية الصيني وانغ يي ومسؤولين آخرين في تيانجين الصينية في أواخر الشهر الماضي.
وأضاف المقال: لكننا لسنا في العام 2012 !، ففي ذلك الوقت، انخرطت الصين وروسيا مع الولايات المتحدة في المحادثات مع إيران، والتي أدت في النهاية لتوقيع الاتفاق النووي في عام 2015، لكن الوضع اليوم مختلف كثيراً، فالولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق، وإيران والصين وروسيا كلها في وضع أقوى مما كانت عليه قبل عقد من الزمن. فلماذا إذاً تتفق بكين وموسكو على دعم سياسة بايدن الخارجية الخبيثة والعقوبات الأمريكية أحادية الجانب ضد إيران؟
ولفت المقال إلى أن الدبلوماسي الهندي السابق إم كيه بادراكومار بدوره لا يرى جدوى من تشديد العقوبات على طهران، إذ أكد أن المفاوضين الأمريكيين افترضوا أن طهران ستذعن لهم في سبيل رفع العقوبات، وبدؤوا في إملاء الشروط والأحكام، متناسين أن طهران، بعد أن تجاوزت وطأة سياسة “الضغط الأقصى” التي ابتدأها ترامب، أصبحت في وضع أفضل والوضع الدولي يعمل لصالحها أيضاً، فقد اكتسبت إيران عمقاً إستراتيجياً في تعميق الشراكة مع روسيا والصين، ولا يمكن الآن “عزلها” ولا من الحكمة ممارسة الخيار العسكري ضدها.
وأشار المقال إلى أن الدبلوماسي البريطاني السابق أليستر كروك يتفق مع هذا الرأي ، إذ أكد أن الولايات المتحدة أخطأت في قراءة مدى تغير الوضع الاستراتيجي في المنطقة وفي العالم.
إذاً، هل التهديد الأمريكي بإجماع دولي ضد إيران، على غرار ما حدث في عام 2012، أكثر معقولية؟ بالتأكيد لا، ألم تلاحظ واشنطن أنه لا يوجد ولا أي إجماع عالمي واحد على معاقبة إيران! ألم تلاحظ الانقسام في السياسة العالمية؟ صحيح أن أوروبا ضعيفة وستقف إلى جانب الولايات المتحدة مهما حدث، لكن هذا لا يرقى إلى مستوى إجماع عالمي.