رأى مقال نشره موقع “نيو إيسترن آوت لوك” أن تركيز الولايات المتحدة المتزايد على آسيا كان أمراً لا مفر منه، وخاصة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان أحد المهندسين الرئيسين لسياسة “محور آسيا” التي انتهجتها إدارة أوباما.
وقال المقال: في الواقع، ليس فقط هوس بايدن بالمنطقة هو الذي يفسر هذا التحول المستمر، بل فشل الولايات المتحدة الذريع في الشرق الأوسط ، على الرغم من عقود من الانتشار العسكري هناك، إضافة إلى أن الوجود والدور المتزايد لروسيا والصين في المنطقة مع صعود بكين كقوة عالمية جعل من الضروري بالنسبة للولايات المتحدة إعادة ضبط وجودها العسكري العالمي والتحول من تركيز مكثف على الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا.
وتابع المقال: وبهذا الصدد تبرز عمليتان: سحب واشنطن العتاد العسكري والأفراد من الشرق الأوسط، بما يشمل أفغانستان، وتجديد كبار المسؤولين في إدارة بايدن جهودهم لإعادة تأسيس وتحديد العلاقات الأمريكية مع دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وبينما ما تزال الولايات المتحدة تنقل جزءاً كبيراً من جيشها من الشرق الأوسط إلى منطقة الآسيان، فإن علاقاتها الدبلوماسية المجددة ليست سوى مقدمة للعسكرة في نهاية المطاف.
وأشار المقال إلى أن الولايات المتحدة، كجزء من إعادة الانتشار وإعادة ترتيب مصالحها، سحبت مؤخراً ما مجموعه ثمانية من أنظمة “باتريوت” المضادة للصواريخ من الأردن والكويت والعراق والسعودية، إلى جانب سحب نظام مضاد للصواريخ يسمى “دفاع منطقة الارتفاعات العالية” من السعودية كذلك الأمر.
ورأى المقال أن هذا التغيير الهائل للموقع هو مظهر من مظاهر مراجعة البصمة العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم المبنية على الأمر الذي وجهه بايدن في شباط الماضي إلى البنتاغون. وفي حين أن هذه المراجعة لم تكتمل بعد، فإن هذه التغييرات في إعادة الانتشار هي مقدمة لعدد من التغييرات القادمة التي لا بد من أنها ستشمل جنوب شرق آسيا.
وشدد المقال على أنه لا يمكن أن يحدث إعادة تموضع عسكري أمريكي من دون إصلاح الضرر الذي لحق بعلاقات الولايات المتحدة مع الآسيان خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ومن هذا المنطلق، كان وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكييان يمهدان الطريق لبعض الوقت، ففي أول اجتماع لأنتوني بلينكين مع أعضاء الآسيان، شدد على “مركزية” المنطقة في اللعبة العالمية التي تلعبها بلاده ضد الصين، كما أكد اعتماد الولايات المتحدة على “دبلوماسية اللقاح” وذلك بغرض تشكيل صورة إيجابية عن الولايات المتحدة في المنطقة.
وأضاف المقال: ومن المنطقي أن تتبع لقاء بلينكين بالآسيان زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى ما تسميه واشنطن “دول المواجهة” ضد الصين، أي الفلبين وفيتنام بغرض بناء “تحالفات وشراكات دفاعية وعسكرية قوية والتي تعتبر أساسية لدعم النظام القائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وذلك وفقاً لأوستن. وستتبع ذلك المشاركة المتوقعة لبايدن نفسه في قمة الآسيان في وقت لاحق من هذا العام.
ورأى المقال أن انشغال الولايات المتحدة بإعادة تقويم علاقاتها مع الآسيان يطرح التساؤل التالي: هل تستطيع الولايات المتحدة سحب الآسيان بعيداً تماماً عن الصين؟
أجاب المقال: في حين أن هناك رغبة كبيرة لدى الآسيان لإعادة تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة، إلا أنه لا توجد لديهم رغبة حقيقية في التورط في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، إذ وفقاً لمسؤولين ماليزيين وآخرين من جنوب شرق آسيا فإنهم يفضلون المشاركة متعددة الأطراف من دون التسبب بإزعاج الصين وهي دولة ترتبط بها الآسيان بعلاقات اقتصادية عميقة.