حاول مهرجان” كان” الذي انعقد في الأسابيع الماضية تجاوز الإغلاق بسبب “كورونا”، مع المحافظة على إجراءات الوقاية من فحوصات الكشف عن الإصابة يومياً ، إلى التباعد , إلى الكمامات … و بذلك انعقد المهرجان بعقلانية و حكمة ، و رغم بعض هفوات التنظيم، و تصرفات رئيس لجنة التحكيم المخرج (سبايك لي) بإعلان الجائزة الكبرى في غير الوقت المحدد لإعلانها، رغم كل ذلك فإن هناك استعادة لهذا المهرجان السينمائي الفاعل في السينما العالمية .
للمرة الثانية نالت امرأة ( المخرجة جوليا دوكورنار) جائزة السعفة الذهبية عن فيلمها « تيتان» وهي المرة الثانية التي يمنح هذا المهرجان فيها سعفته الذهبية إلى امرأة ، حيث منح في العام 1993 المخرجة النيوزيلاندية ( جين كامبيون) عن فيلمها « البيانو » .
من المسائل اللافتة في المهرجان ؛ ما فضحه فيلم كيان الاحتلال الإسرائيلي «ركبة أحد» الذي عرّى و فضح ( كذبة الحرية ) المروجة صهيونياً عن الكيان الغاصب ، حيث يروي الفيلم ما حصل مع مخرج فيلم سافر إلى مدينة نائية في الكيان المحتل للترويج لفيلمه ، فتقدمت منه مندوبة ما يسمى “وزارة الثقافة” الصهيونية بوثيقة طالبته بتوقيعها ، و الالتزام بمضمونها ؛ متضمنة تفاصيل ما عليه أن يقوله ، و الخطوات التي عليه القيام بها ، و التعهد بعدم الخروج عن النص المفروض عليه ، و المطلوب منه الإدلاء به .. و هذا ما يفضح حقيقة الحرية التي يدّعيها الكيان المحتل، حيث يخضع كل شيء إلى رقابة مشددة ، تقتل أي حرية ، و هذا ما يسميه بطل الفيلم ( موت الحرية) في إطار مايسمى “الثقافة الإسرائيلية” التي تشكل جزءاً أساسياً من المؤسسة العسكرية الدينية الحاكمة و المتحكمة ، هذه الشهادة الفاضحة هي شهادة شاهد من أهلها ، لأنها تأتي من مخرج “إسرائيلي” ..
من جهة أخرى لفت النظر في مهرجان « كان» احتجاج الفنانين الفلسطينيين على إغفال الهوية الفنية الأدبية للفيلم الفلسطيني ( ليكن صباحاً ) الذي أعلن المهرجان أنه فيلم “اسرائيلي”، رغم أن مستوحى من قصة للكاتب الفلسطيني ( سيد قشوع) و إنجاز الفنانين الفلسطينيين جوانا سليمان و سليم ضو و إليكس بكري الذين سجلوا احتجاجهم العربي الفلسطيني، و لفتوا نظر المهرجان إلى قيمة و هوية العرب الفلسطينيين الباقين في المناطق المحتلة عام 1948، و هو احتجاج يؤكد أهمية الهوية الفنية الأدبية الإبداعية لفيلم ( ليكن صباحاً) كمنجز فلسطيني إبداعي رغم إنتاجه من جهة “إسرائيلية” – بحكم الاحتلال – و حاله كحال نشاطات الفلسطينيين العرب الموجودين في ظل الاحتلال ، و الذين يستمرون بالدفاع عن هويتهم القومية و الإبداعية …
مهرجان «كان» تجاوز “كورونا” ، و قدّر إبداع المرأة ، و كان مساحة لفضح كذبة الحرية في كيان الاحتلال الإسرائيلي ، و ميداناً لممارسة الفنانين العرب الفلسطينيين لسلاحهم الناعم و المؤثر في الاحتجاج دفاعاً عن هويتهم الإبداعية العربية الفلسطينية ، و هذا ما يؤكد ضرورة و أهمية الحضور في كل النشاطات الدولية .