(الجدة وحفيدها وأمه) يحصلون على شهادة التعليم الأساسي

لم يخلُ طريق نجاحها من العثرات والصعوبات، كما سخرية بعض الأشخاص من فكرتها، لكن ذلك لم يحبط إصرارها وتصميمها على بلوغ هدفها، وكانت ثقتها بنفسها كبيرة، وأثبتت أن لا شيء مستحيلاً والإرادة القوية تصنع المعجزات.
لم يمنع السيدة (فاطمة دباغ ) أم لثلاثة أبناء وجدة لعشرة أحفاد من حصولها، وهي بعمر الـ 55 عاماً على شهادة التعليم الأساسي، واحتفلت منذ أيام مع حفيدها عبد الغني معصراني، و كنتها فاطمة سعد (والدة حفيدها) بنجاحهم في الحصول على شهادة التعليم الأساسي، وهي التي شجعت زوجة ابنها على الدراسة والحصول على الشهادة.
تقول السيدة دباغ الحاصلة على (1966) درجة: فرحتي لا يمكن وصفها، لم يكن الأمر بتلك السهولة، حاولت التقدم لشهادة التعليم الأساسي سابقاً عندما كان أبنائي في المرحلة الإبتدائية، ولكن مسؤولية الأبناء وأسرتي كانت كبيرة، وبمرور السنوات وأبنائي يكبرون وينجحون في دراستهم، وتابعوا دراستهم الجامعية شعرت حينها أنني لم أفعل شيئاً ملموساً لنفسي، ومرت السنوات من دون أي هدف، فقررت أن أتغلب على واقعي بالدراسة، ولم يكن الأمر سهلاً لكوني انقطعت عن الدراسة منذ أكثر من 40 عاماً.
وعن مشوار دراستها تقول دباغ: لم يتعدَّ التحضير للامتحان الخمسة أشهر، فجاء قراري للتقدم للامتحان قبل بدء الامتحان بأربعة أشهر فقط ، وكان لزوجي وأبنائي الفضل الكبير في دعمي بكل شيء، زوجي كان معي في كل خطوة ويشجعني، برغم أنه لا يجيد القراءة والكتابة، وكنت أتابع الدروس مع ابنتيَّ فكانتا الملهمتين لي برغم انشغالهما بأولادهما وأسرهما، ويشرحان لي الدروس، كما كان لعدد من الأساتذة الذين تابعوا تعليمي في بعض المواد الفضل الكبير في نجاحي.
إضافة لذلك تابعت دراسة المواد عن طريق القناة التعليمية لوزارة التربية، عبر المقاطع المنشورة على اليوتيوب للقناة، مشيرة إلى أنها استقت منها الكثير من المعلومات وطرق الدراسة الصحيحة, ولفتت دباغ إلى الدعم والتشجيع الذي تلقته من المراقبين أثناء تقديمها الامتحان.
وتشجع فاطمة كل إنسان أن يبادر كمبادرتها فالعلم كما تقول ليس حكراً على صغار السن واستشهدت بقول الرسول محمد (ص): « من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة»، وأكدت أن قطار أحلامها لن يقف عند أول محطة نجاح، وأنها ستتابع دراستها حتى حصولها على الثانوية العامة، ودخولها الجامعة اختصاص (أدب عربي ) فهي من هواة الشعر.
لم تكن إرادة السيدة فاطمة سعد 33 عاماً وهي أم لأربعة أبناء أقل من إرادة والدة زوجها السيدة (فاطمة دباغ) برغم مسؤوليتها الكبيرة تجاه أسرتها، إلاّ أنها رفضت أن تستسلم، وفي حديثها لـ«تشرين» تقول الأم سعد : تزوجت بعمر صغير، ولم أكمل دراستي، وانشغالي بأسرتي منعني من إكمال تعليمي، ولكن قررت أن أنتظر ابني (عبد الغني)، وأتقدم معه لامتحان شهادة التعليم الأساسي، وفعلاً بتشجيع من والدة زوجي السيدة فاطمة دباغ وابنتيها، ودعمها الكبير لي في الدراسة وتشجيع أهلي تقدمت للامتحان، و نجحت بمجموع 2724 علامة، لتتفوق بذلك على ابنها الذي حصل على 2649 درجة .
بدأت سعد التحضير والدراسة منذ سنتين عندما كان ابنها في الصف الثامن وتقول : كنت بحاجة لسنتي دراسة قبل التقدم للامتحان لأنني انقطعت عن الدراسة منذ 14 عاماً، مشيرة إلى أنها كانت وابنها يشجعان بعضهما على الدراسة، ويتناقشان في المعلومات والأسئلة، ومنه كانت تستمد القوة وقالت: كان متحمساً لكونها ستتقدم معه للامتحان، ويشجعها باستمرار .
وأشارت سعد إلى الصعوبة التي صادفتها في الدراسة والتعب والسهر والجهد الكبير للوصول إلى هذه النتيجة، فالأمر كان شبه مستحيل مع وجود أربعة أبناء كما تقول، ولكن إصرارها على النجاح كان أقوى.
وقالت سعد: عشت توتر الامتحان كأي طالب يتقدم لأول مرة، ولكن كل هذا أصبح مجرد ذكرى بعد صدور النتيجة، نسيت وقتها التعب والسهر والتوتر، مؤكدة أن هذا النجاح سيكون بداية لنجاحات قادمة ستحققها بالإرادة و الصبر، وستتابع دراستها وتحصل على الشهادة الثانوية ليتاح لها متابعة تعليمها الجامعي بالاختصاص الذي ترغب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار