أشار مقال نشره موقع “غلوبال ريسيرش” إلى اندلاع الاحتجاجات في مختلف المدن الكوبية مؤخراً بسبب الظروف الاقتصادية السيئة وتصاعد حالات الإصابة بفيروس كورونا، لافتاً إلى أن هذه الاحتجاجات، التي تضرب كوبا منذ ثلاثة عقود، هي الأكبر من نوعها وقد تستمر خلال الأسابيع المقبلة.
ورأى المقال ضرورة فهم الاحتجاجات الراهنة في سياق الحرب الاقتصادية الوحشية التي شنتها الولايات المتحدة ضد الدولة الجزيرة لأكثر من 60 عاماً، حيث دعا نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك في عام 1960 صراحة إلى “حرمان كوبا من الأموال والإمدادات، وخفض الأجور النقدية والحقيقية، وإحداث الجوع واليأس والإطاحة بالحكومة”، علماً أن هذه الإستراتيجية فشلت في تحقيق هدفها المتمثل في “إسقاط” الدولة الكوبية لعقود ومن غير المرجح أن تنجح الآن.
وقال المقال: لا يمكن إنكار أن الكوبيين يواجهون ظروفاً قاسية للغاية في الوقت الحالي، فقد عانت البلاد من انقطاع التيار الكهربائي ونقص الغذاء والضروريات الأساسية الأخرى، حتى من الناحية الصحية فهناك صعوبة في الحصول على الأدوية والمعدات الطبية الأساسية، فضلاً عن ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وتابع المقال: لكن هذه الزيادة يجب أن تبقى في منظورها الصحيح، إذ إن كوبا، (11 مليون نسمة)، لديها أقل من 240 ألف حالة إصابة بفيروس (كوفيد-19) و1537 حالة وفاة حسب آخر الإحصاءات، وبالمقارنة، فإن أوهايو، نفس عدد سكان كوبا تقريباً، لديها 1.1 مليون حالة إصابة وأكثر من 20 ألف حالة وفاة.
وأضاف المقال: وعلى الرغم من النقص في المعدات الصحية، فقد حمت السياسات الصحية الكوبية السكان من أسوأ أنواع الوباء، مع 139 حالة وفاة بسبب كورونا لكل مليون نسمة، كما تحتل كوبا مكانة بين الأفضل أداءً في نصف الكرة الأرضية، متقدمةً بأشواط على الولايات المتحدة (1871 حالة وفاة لكل مليون شخص)، علاوة على ذلك، فقد أثبتت كوبا بالفعل أن اثنين من لقاحات كوفيد-19 الخمسة التي تطورها ناجحان في الوقاية من عدوى الفيروس التاجي، وقامت بتطعيم أكثر من مليوني شخص بلقاحات منتجة محلياً.
وأكد المقال أن دعاة “إسقاط” كوبا يستغلون النقص الذي تعاني منه البلاد لتوجيه أصابع الاتهام إلى الحكومة الكوبية، حتى إن البيت الأبيض دعا بوقاحة السلطات الكوبية إلى “الاستماع إلى شعبها وتلبية احتياجاته” متجاهلاً حقيقة أن الحصار الأمريكي، المدان دولياً، هو السبب في تعرض الكوبيين لصعوبات كهذه.
ولفت المقال إلى أن الحصار على كوبا كان ساري المفعول منذ أكثر من ستة عقود، لكن تم تشديده بطرق خطرة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عبر سياسة “الضغط الأقصى”، التي استهدفت السياحة والطاقة والقطاعات الاقتصادية الرئيسة الأخرى في كوبا، حتى إنها قيدت الأموال التي يمكن للأمريكيين الكوبيين إرسالها إلى ذويهم في بلادهم، فكان لهذه السياسات تأثير كارثي على الاقتصاد الكوبي، ومن جانبها، فقد كانت إدارة بايدن “تراجع” سياستها تجاه كوبا لمدة ستة أشهر، مع استمرار إستراتيجية ترامب للحرب الاقتصادية المصممة بدقة لخلق النقص الذي يعاني منه الكوبيون الآن.
وشدد المقال على أن الحرب الاقتصادية الأمريكية على كوبا طالما اقترنت بإستراتيجيات أخرى للإطاحة بالحكومة الكوبية، بما يشمل محاولات الاغتيال ودعم الإرهابيين ومحاولة غزو وإنفاق ملايين الدولارات على القوة “الناعمة”، وعلى سبيل المثال، تنفق الوكالة الأمريكية لـ “التنمية الدولية” حوالي 20 مليون دولار سنوياً لتمويل الجماعات المنشقة في كوبا.
وأوضح المقال أنه يمكن لبايدن بجرة قلم أن يرفع جميع الإجراءات القسرية التي وضعها ترامب، بما من شأنه أن ينقذ أرواح الكوبيين، ويمكن أن يبدأ في إعادة ضبط لسياسته الخارجية على المسار الأكثر دبلوماسية الذي بدأ الرئيس الأسبق باراك أوباما في اتباعه في فترة ولايته الثانية، لكن هل سيقدم على هذه الخطوة؟