تستعد القارة السمراء لدخول مرحلة التحولات الدراماتيكية، التي فرضتها المتغيرات الدولية والتحالفات الإقليمية.
فمنذ بداية القرن الحادي والعشرين، أعادت روسيا حضورها الاقتصادي والسياسي في إفريقيا من خلال لقاءات حكومية مستمرة وتسهيلات استثمارية. وكان لتعثر السياسة الغربية العبثية الأثر الكبير في تنامي الحضور الصيني والروسي.
وبالتزامن مع سوء نيات المصالح الأميركية باكتشاف طرق جديدة ومبتكرة لاستخراج ثروة إفريقيا، تحاول أوروبا إيجاد السبل لإعادة استعمار القارة السمراء التي دخلت مرحلة جديدة من التحالفات الحيوية الناجعة مع روسيا والصين، إضافة للتحالفات الإفريقية الثنائية.
وتحرز الشركات الروسية تقدماً حقيقياً في التعاون، فتجارة روسيا مع الدول الإفريقية تنمو فعلياً بسرعة منذ قمة سوتشي، بالرغم من محدودية الموارد والطبيعة الإفريقية.
وتميل وسائل الإعلام الغربية لتشويه الصورة الحقيقية للحضور الروسي في القارة السمراء، وذلك بتقليد مخاوف الخارجية الأميركية، بحجة أن روسيا تعمل في المقام الأول في المجال العسكري والأمني. ويتناغم العزف الغربي بشكل متصاعد مع كل عملية بيع سلاح تجريها روسيا.
ويفشل المحللون والساسة الغربيون أيضاً بالإشارة إلى أن الصادرات الأولية للشركات الروسية تتضمن المعدات الزراعية والهندسة الميكانيكية، والصناعات الكيميائية والأخشاب والمعادن.
وأشارت صحيفة إيكوفين.إبدو السويسرية المختصة بالتحليل الاقتصادي للاهتمام الروسي بزيادة الاستثمار في إفريقيا، لاسيما مجالات الطاقة، والبنى التحتية، والمواصلات.
ورصدت الصحيفة إعلان الشركة الروسية، جيوسيرفيس ليمتد، عزمها استثمار نحو 12 مليار دولار في قطاع السكك الحديدية في غانا، إضافة لاستثمار روسي في تمويل أول قمر صناعي في القارة.
ويشكل منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي ملتقى الحكومات، والقطاع الخاص سعياً لتبادل الآراء والذي يعد فرصة لطرح المبادرات، وتوقيع الاتفاقات التجارية والصناعية بين روسيا والبلدان الإفريقية.
ومازالت مراكز الأبحاث في واشنطن، ووزارة الخارجية الأميركية تصر على طرح قضايا أخرى متعددة كتدخل موسكو لمساعدة مصر وإثيوبيا للتوصل لاتفاق بشأن مشروع سد النهضة المثير للجدل، والذي يسبب قلقاً أميركياً من سيطرة روسيا على مسار الخلاف، بالتزامن مع ما يتم الحديث عن مشاركة ما يزيد على 10 آلاف شخص في إثيوبيا في مسيرة مناهضة لسياسة واشنطن في البلاد، وتندد بسياسة الرئيس جو بايدن بشأن الصراع في منطقة تيغراي شمال البلاد.
وتخوض واشنطن حرباً نموذجية من العقوبات والديون المتزامنة كأدوات لفرض نتائج مناسبة، بإتباع إستراتيجية جيوسياسية شريرة وغير ثابتة. فتسبب المجاعة المنتشرة في البلاد، والمنطقة في تضخيم العلاقات المتوترة فعلياً بين التأثيرات الغربية والدول الإفريقية.
بينما تسعى روسيا لبناء جسور الثقة مع البلدان الإفريقية، وإرساء علاقات سليمة بشكل تدريجي ومستقر، بعيداً عن التهديد والابتزاز، وهو المسار الذي بدأ يؤتي ثماره الطيبة بالوقت الحاضر.
“نيو إيسترن آوت لوك”