مابين حياة وموت بساتين حمص على العاصي.. إعادة استثمار (حديقة الشعب) وفق الاستملاك المحدد
حرائق جديدة ويباس في جزء مهجور من بساتين حمص المحاذي لشارع نزار قباني الواقع بين كورنيش الغوطة وشارع الميماس .
وعندها لابد أن تستحضر الماضي ما قبل الحرب على سورية، حيث تم استملاك ٤٦٠ دونماً من البساتين وأحياء القرابيص، الغوطة، والصخر وذلك منذ ما يقارب الثلاثين عاماً بهدف إقامة حديقة الشعب، وكحال كل الاستملاكات دخل في سبات طويل إلى أن أخليت العقارات من أصحابها وشاغليها في العام ٢٠٠٨.
آنذاك .. تم القضاء على رقعة زراعية بكل ما للكلمة من معنى.. مناحل ، بيوت زراعية، محاصيل، خضراوات، أشجار مثمرة وتربية الدجاج والأبقار، ومن ثم تحولت «حديقة الشعب» إلى «حلم حمص» بين ليلة وضحاها .
حتى الآن لا يزال سكان حمص يستذكرون ذلك الماضي وحلمه الذي لم يتحقق بتفاصيله المليئة بالاستثمارات والأرباح المتأتية من إقامة أبراج ومجمعات تجارية وأنفاق ومترو ومسطحات خضراء مبتعدة كل البعد عن هدف الاستملاك، وتضخم ذلك الحلم كثيراً لدرجة أنه امتد ليشمل ويهدد وجود أسواق الناعورة والحسبة ومباني السراي ومجلس المدينة والمصالح العقارية وغيرها في بعض الشوارع .
أما في الوقت الراهن فقد عاد الاستملاك إلى هدفه الأساس، وسيطرح مجلس المدينة قريباً مشروع «حديقة الشعب» للاستثمار، حسبما قال مدير الأشغال المهندس حيدر النقري, منوهاً بأنها ستتضمن فعاليات مختلفة؛ متنزهات شعبية، مطاعم ، مشروع سينما وسيكون الطابع الشعبي هو الغالب، مضيفاً بأن مجلس المدينة قام بتأهيل شارع نزار قباني بمد قميص زفتي بتكلفة ١٤٠ مليون ليرة ، فيما بقيت أعمال جوانب الطريق والإنارة .
وتجدر الإشارة إلى أن البساتين منطقة وسطى بين ضفتي المدينة وتشكل ثلث المخطط التنظيمي لها وقد منع فيها الإفراز والتجزئة منعاً للزحف الإسمنتي عليها .
ومشروع.. قد يعيد للمنطقة ألقها
على مسافة قريبة من هذا الغبن الذي وقع ، ستجد ما كان يسمى بمتنزهات العاصي مثل أميسا غاردن ، عبارة ، أمير الندى، أبو سمرا ، مرسيا ، الأهرام وديك الجن ويعد ذلك الأخير أشهرها وأقدمها, حيث أقيم منذ ستينيات القرن الماضي، لكنه مع نهاية التسعينيات من ذلك الزمن دخل في منافسة قوية مع مقاهٍ ومطاعم حديثة سواء على العاصي أو في المدينة القديمة وغيرها .
منذ عامين أو أكثر كان الطريق من دوّار باب تدمر حتى منطقة المتنزهات تلك مترباً متهدماً مليئاً بالأنقاض والحجارة خلافاً لليوم بعد تأهيل وتزفيت شارع المسعودي ، لكن فيما تبقى وصولاً إلى المشفى الوطني فقد تم ترميم المقاطع المتخربة فقط، وبحسب النقري ومؤخراً منذ ٤ أشهر تقريباً شهدت تلك المنطقة أعمال تسوية تربة وزراعة أحواض وأزهار وأشجار زينة وإنشاء حوض سباحة وما يسمى بالـ «قشقات» وهي غرف مفرغة الجوانب قد تسقف بالقصب أو بالمظلات، إضافة إلى تنظيف مجرى العاصي وإزالة التجاوزات القديمة عليه بمقدار ١٧٥٠متراً طولياً من أحد جانبيه و ٦٥٠ متراً طولياً من الجانب الآخر ولم يبقَ من التجاوزات إلا تلك الخاصة بمطعم ديك الجن.
وستشاهد قوارب مركونة قد يتم تسييرها في « العاصي » هذا فيما لو تم تخليصه من ملوثات عصفت به على مدى عقود وعقود .
حسب مدير الأشغال: تقدم أحد سكان حمص للقيام على نفقته الخاصة بتعزيل ٧ كيلومترات من مجرى العاصي بالتنسيق مع الموارد المائية ومصفاة حمص، وبإزالة التجاوزات على مجراه ، كما وتكفل بتأهيل دوار ديك الجن و الشارع الواصل بين الدوار والمتنزهات الداخلية، وتنظيف الطاحونة الأثرية الخاصة الموجودة هناك والمسماة بطاحونة السبعة، إضافة إلى قيامه بتأهيل المنشآت المتضررة وترميمها وهي أمير الندى ، الأهرام ومرسيا بعد موافقة مجلس المدينة.
منوهاً بأهمية هذا المشروع التجميلي السياحي الشعبي, إذ سيعيد إحياء كل من العاصي وذاكرة حمص بتعويض هذه الأخيرة عما تخرب من منشآتها السياحية التي كانت قائمة على ضفاف العاصي مقدراً نسبة الضرر الذي لحق بها بأكثر من ٦٠%.
طاحونة السبعة
وتماماً في الغرب من هذه المتنزهات ، تقع طاحونة « السبعة الأثرية» التي يعود تاريخ بنائها إلى العام ١٤٥٩م ، بنيت بالحجر البازلتي على مساحة ٢٧٧ متراً مربعاً وتتألف من سبعة أحجار رحى ولا تزال حتى الآن بحالة سليمة، جاورها في الماضي متنزهان هما مرج البرغل ومرج العدس كما جاورتها في الماضي إلى الشرق منها ناعورة أزيلت مع بداية القرن الماضي .
ولا تزال قائمة على مقربة منها طاحونة أخرى هي «الدنك» وتتألف من حجري رحى وتبلغ مساحتها ٩٧ متراً مربعاً ، حالتها سيئة و لا يوجد لها سقف .
وقد توقف أصحاب هاتين الطاحونتين عن استثمارهما منذ ستينيات القرن الماضي بسبب تلوث العاصي بمخلفات ومنصرفات مصفاة حمص وبسبب تشتت الملكية بين الورثة .