من المشاهد والمشاهدات في حمص .. بعض من يوميات (عبد الحكيم)

على مدى السنوات الماضية ..و عَبد الحكيم لا يزال على كرسيه المتحرك، وبسطته المتواضعة المتنقلة، صبوراً راضياً يبتسم لك بود ويبادلك السلام بأحسن منه شاكراً الله دائماً، لا يرفع أسعاره، بل قد يحسم منها أحياناً ولا ينسى أن يقول لك (خليها علينا) بكلام بطيء أثقله الشلل وتعب الحياة، فقد منزل أسرته خلال الحرب على سورية، ونزحت العائلة من مركز إيواء إلى آخر، وآخره كان في حي بابا عمرو.
لعبد الحكيم إخوة معوقون كمثل إعاقته …شلل أقعدهم عن الحركة، وعن العمل لكنه لم يثنه عن العمل، فالأمل كان لديه بالعمل.
بالمظلة الزرقاء نفسها التي ربما تعكس صفاء قلبه.. ينتقل بين الأحياء، أحياناً يسعى وراء الظل عندما تلهب شمس الصيف الأبدان، وأحياناً يهرب من سياط مياه الأمطار، ومن لسعات رياح حمص الشديدة عندما يأتي شتاؤها البارد.
كثيراً ما تهوي قدماه العاريتان دائماً من على دواسة كرسيه، ولأن شلله كاملاً كما هو واضح، وحركة يديه صعبة ومحدودة لا تمكناه من رفع ما هو من جسده، فقد ينتظر طويلاً وطويلاً جداً كي يمر أحد (الطيبين) الذين يعمدون لمساعدته من دون أن يطلب منهم ذلك، فهو لا يطلب ولا يتطلب ..هو فقط ينتظر و يصبر.
منذ سنوات .. كان كرسيه الكهربائي جديداً وحسبما قاله كان من خلال (لمة لبعض المحسنين) ، لكن الآن.. تعب هذا الكرسي وكثرت أعطاله، ومنذ أيام تعطٌل فجأة وسط الشارع واجتمع بعض الشبان لمساعدته، وربما اجتهد البعض كي يصلحوه لكنهم لم يفلحوا، واتصل بجار له عن طريق موبايل أحدهم ليساعده على العودة مساءً إلى منزله، لأن عبد الحكيم صار حالياً من دون جوال بعد أن انتهى العمر الافتراضي لذلك الهاتف القديم.
ربما هناك تفاصيل كثيرة لا نعرفها عن حياته، والتي لابد قاسية ومضنية، لكن ما هو واضح أن الجميع يحبه، ليس فقط من باب التعاطف لكن لدماثة خلقه، فهو يبذل الجهد مضاعفاً ومضاعفاً كي لا يشكل ركنه هذا الضيق والصغير جداً إزعاجاً لأحد المحال أو المطاعم أو المقاهي المنتشرة بكثرة، والتي تحفل بروادها الذين غالباً لا يرون من العالم سوى ذواتهم.
لاينكر أبداً وجود ذوي الأيادي البيضاء الذين يمرون به ويتقصدون الشراء منه لأنواع من السكاكر والبسكويت وغيرها.
ولاينكر أبداً حصول عائلته على سلة إعانات من إحدى الجمعيات أو المنظمات كل عدة شهور.
لا يطلب منك شيئاً ولا يشكو ولا ينكر الخير والرزق ولو كانا شحيحاً جداً، فبقلبه الطيب وروحه العزيزة يتابع رحلة حياته وترحالها قي زمن جانبه اليسر ولازمه العسر.
اسماعيل خليل معاون مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل في حمص قال: كمديرية ليس لدينا عناصر جوالة لرصد حالات كهذه، وهي من مهمة الجمعيات، لكن من المؤكد أن حالة عبد الحكيم مرصودة، لأنه كان مع أسرته في مراكز الإيواء خلال الأعوام السابقة، ومن المؤكد أيضاً رصده من قبل منظمة الهلال الأحمر العربي السوري انطلاقاً من كونه يتلقى سلة إعانة منها حتى الآن، وفيما يخص الكرسي المتحرك وما آل إليه من قدم وأعطال فعليه التقدم بطلب إلى (الهلال الأحمر السوري) أو إلى إحدى الجمعيات وسينظر في طلبه نظراً لحالته الصحية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار