«قيصرية» حمص سوق أثرية تنتظر التأهيل ..!
سوق القيصرية من المعالم الأثرية المميزة في حمص، ولم ينفك أهل حمص على مدى السنوات الماضية عن التذكير بها, والإشارة إليها وإلى لزوم ترميمها، كي لا تفقد حمص كلّ مفرداتها الأثرية التي تضررت كثيراً، كما حدث للحمام الصغير وغيره من العقارات الأثرية والتراثية الخاصة، مع التذكير بأنّ المدينة القديمة في حمص لا تمتلك نسيجاً متكاملاً كمدن حلب ودمشق، إلا أنها لا تزال تتضمن مفردات أثرية وتراثية ٦٣ عقاراً أثرياً و٢٣ عقاراً تراثياً تقتضي وجوب الحفاظ عليها.
قد يبدو للكثيرين أنّ الحديث عن الآثار والتراث ترف في ظل الظروف الاقتصادية والمادية الصعبة التي يعيشها المواطنون، لكن في المقابل يجب ألّا تؤدي المحن الكبرى إلى تجاهل ماضٍ وإرث عريقين.
أصحاب العقارات الخاصة.. منهم من سافر ومنهم من توفى ومنهم من بقي، وعليه صار للعقار أكثر من مالك.. وكلّهم من دون استثناء لا يقدرون على تكاليف الترميم في ظل ارتفاع متواتر لأسعار مواد البناء ولأجور اليد العاملة, ولاسيما أنّ أعمال ترميم كهذه ستكون وفق شروط وإشراف مديرية الآثار, وتالياً فهم يطالبون الجهات الرسمية والاعتبارية كغرف التجارة والصناعة ببذل المزيد من الجهد لمساعدتهم في التمويل سواء عن طريق جهات مانحة أو غيرها، وخاصة أنهم كمالكين غير مستفيدين من هذه العقارات سواء كانت منازل أو حمامات أو فنادق أو مطاعم لا في السكن, ولا التأجير, ولا البيع ولا الاستثمار.
مدير آثار حمص المهندس حسام حاميش يقول: يقتصر دور «الآثار» على منح رخص الترميم والإشراف على تنفيذه بالنسبة للعقارات الخاصة.
ويعتقد أنّ مشروع الأمم المتحدة الإنمائي «Undp» قد يلحظ ترميم سوق القيصرية, وذلك ضمن المرحلة الرابعة من مشروع تأهيل الأسواق الأثرية، وقد تم حتى الآن إنجاز ثلاث مراحل من هذا المشروع، تم فيها ترحيل الأنقاض وتركيب الأسقف لبعض الأسواق والواجهات والأبواب للمحلات التجارية.
وقد قامت دائرة آثار حمص بخطوة مهمة جداً, وهي إزالة المخالفات المرتكبة في هذا العقار المسجل منذ العام ٢٠٠٢ في عداد العقارات الأثرية نظراً لأهميته التاريخية، وهي حسب شرح المهندس حاميش كالتالي: تقع «القيصرية» ضمن أسواق حمص القديمة وتتبع لحي باب هود، تتألف من باب خشبي عريض مصفح بالتوتياء بارتفاع خمسة أمتار، وفِي الداخل ساحة أو باحة سماوية مرصوفة بالحجر البازلتي تتوسطها بحرة أو بركة مياه مع شجرة عفص معمرة، يحيط بها أربعون محلاً تجارياً في كل من الطابقين الأرضي والعلوي، حيث يصطف في هذا الأخير عشرون عموداً من الحجر الأبيض، ويعود بناء الطابق الأرضي إلى العام ١٣٠٠م, والطابق العلوي إلى العام ١٨٥٠م.
وقد لعبت «القيصريات» عبر التاريخ دوراً مكملاً للأسواق، حيث شكلت مراكز استراحة للمسافرين, وذلك من خلال الخانات المقامة ضمنها، إضافة إلى دورها في التبادل التجاري، وقد سُميت قيصرية حمص «بقيصرية الحرير» بسبب تركز نشاطها آنذاك على تجارة الحرير الطبيعي وتصنيع منتجاته من «حطّات وشالات ومناشف وشراشف وستائر وعباءات ومآزر وغير ذلك»، في حين يقتصر البيع حالياً على منتجات الأقمشة والألبسة الجاهزة، وقد تعرضت هذه السوق للتخريب خلال السنوات الماضية, وذلك ضمن الأضرار التي لحقت بالمدينة القديمة.