لا تغيير في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط في عهد بايدن

هناك ثوابت في السياسة الأمريكية الخارجية عندما يتعلق الأمر بمنطقة الشرق الأوسط مهما كان انتماء الرئيس، هذا ما أوضحه موقع الدراسات الإستراتيجية العالمي في مقال جاء فيه:

إن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط لم تتغير كثيراً في عهد الجمهوري بوش الأب والابن والديمقراطي كلينتون، لكنها جاءت بنوع جديد من التعاطي في عهد ترامب الذي حمل معه أجندة وإيديولوجية حزبه الجمهوري، وأضاف إليها مفاهيمه وطريقته الخاصة، فكانت سياسته التي شهدناها في السنوات الأربع الأخيرة بخصوص الشرق الأوسط والصراع العربي- الإسرائيلي، تحمل استفزازاً وتحيزاً مكشوفاً لـ”إسرائيل” على حساب العرب والفلسطينيين منهم.

دخل الرئيس الديمقراطي جو بايدن البيت الأبيض وفي جعبته إيديولوجيا حزبه من ناحية وطريقته الخاصة من ناحية أخرى، فكيف ستبدو السياسة الخارجية الأمريكية في عهده، وبشكل خاص، كيف ستبدو السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع القادمة؟

ما لاشك فيه أن بايدن لم يهتم بتوضيح برنامجه تجاه الشرق الأوسط أثناء حملته الانتخابية، فرغم وجود قسم مهم عن السياسة الخارجية في البرنامج الانتخابي لبايدن، إلا أن هذا الجزء لم يحمل شيئاً مفيداً يتعلق بالشرق الأوسط إلاّ فيما يخص الانتقاد الذي طالما تكرر حول انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني.

ونظراً لأن الخلاف حول السياسة الخارجية لم يحتل سوى مساحة صغيرة من الجدل أثناء الحملات الانتخابية، فلم تكن هناك فرصة لإيضاح رؤية بايدن للشرق الأوسط.

يقول محللون: إن بايدن ليس غريباً عن الشرق الأوسط، فخبرته الطويلة في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ومنصبه كنائب للرئيس مكناه من الاقتراب من قضايا المنطقة، كما أن الطاقم الذي يعمل مع بايدن لديه خبرة كبيرة في شؤون المنطقة، فوزير الدفاع الجنرال لويد أوستن كان قائداً للقيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الأوسط، ووليم بيرنز رئيس المخابرات المركزية كان سفيراً في الأردن بالإضافة إلى منصبه السابق كنائب لوزير الخارجية وأنطوني بلينكن وزير الخارجية شغل سابقًا منصب نائب وزير خارجية الولايات المتحدة بين عامي 2015 و2017، وكان نائبًا لمستشار الأمن القومي بين عامي 2013 و2015 في عهد إدارة باراك أوباما، وربما ساعدت هذه الخبرات في تشكيل موقع الشرق الأوسط ضمن مناطق اهتمام الإدارة الجديدة.

إن إدارة بايدن لا تنوي التخلي عن إثارة قضايا متعلقة بحقوق الإنسان فهذه القضايا أصبحت جزءاً من هوية الحزب الديمقراطي وهي مسألة مهمة بالنسبة لعدد كبير من الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس، غير أن هناك الكثير من الإشارات على أن إدارة بايدن لا تختلف كثيراً عن سابقتها، فهو ينوي تحويل قضايا حقوق الإنسان إلى نقطة افتراق بينها وبين حكومات في المنطقة.

ومن جانب آخر لا تنوي إدارة بايدن التورط عسكرياً في المنطقة فلا الإدارة ولا الرأي العام مستعد لتقبل حروب أمريكية جديدة في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه فإن هذه الإدارة ليست مع الانسحاب الأمريكي من المنطقة، والأرجح هو أن إدارة بايدن ستحافظ على وجود عسكري لها في المنطقة وإن كانت تتمنى ألا تضطر إلى استخدامه، وبالمقابل تنوي إدارة بايدن الاعتماد بشكل مكثف على الدبلوماسية والعمل مع حلفائها الإقليميين، آملة بأن تكون توليفة الوجود العسكري المحدود والدبلوماسية النشطة والعمل مع الحلفاء، كافية لتحقيق الأهداف الأمريكية.

إن المشكلة الحقيقية التي تواجه إدارة بايدن هي عدم وضوح الأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط ومن غير المعروف بالضبط ما هي الأهداف التي تسعى لتحقيقها هناك بعد أن تراجعت أهمية النفط ووجود “إسرائيل” في المنطقة، لقد تم استبدال هذه الأهداف في مرحلة سابقة بسياسة الترويج للديمقراطية والتي أدخلت المنطقة في أزمة كبيرة فتم التخلي عنها من دون إبدالها بسياسة جديدة.

إن مشكلة إدارة بايدن تكمن في أنها تتعامل مع أزمات الشرق الأوسط كل على حدة وتفتقر إلى مبدأ ناظم ورؤية متماسكة تقيم صلة بين هذه الأزمات.

ويعتقد خبراء ومحللون أن ما اعتبروه غياب الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط خلال أغلب العقد الأخير خلّف فراغاً حاولت قوى إقليمية شغله خاصة تركيا، فهل تستطيع الإدارة الأمريكية الجديدة استعادة زمام القيادة والمبادرة في منطقة ملتهبة شديدة التعقيد في الوقت الذي تخشى فيه من تورطها في شؤونها مع الأخذ بعين الاعتبار بأن أهم مرتكزات السياسة الخارجية الأمريكية هي الحفاظ على أمن “إسرائيل” والعمل على تقويتها لتبقى المخلب المتقدم لها في المنطقة مع الإشارة بأن مسألة “حقوق الإنسان” التي رفع شعارها ترامب ستبقى شعاراً لأن من يساهم في عرقلة حقوق الإنسان في المنطقة هم عملاء أمريكا في هذه المنطقة والتي تسميهم حلفاء وتقوم بتقديم الدعم المستمر لهم.

عن « موقع الدراسات الإستراتيجية العالمي»

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
"الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية تربية دمشق استقبلت نحو 17 ألف اعتراض 42 ضابطة مائية في دمشق.. والمياه تسرح لغسيل السيارات وتبريد الشوارع! ضريبة التأخير.. غياب المجبول الإسفلتي يعرقل ويوقف تنفيذ «طريق حرير» مصياف -حمص