“البنتاغون”.. والإنفاق المهدور

كشفت الموازنة الأولى التي قدمتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى “الكونغرس”، والتي تتضمن زيادة في الموازنة الدفاعية البالغة 715 مليار دولار لعام 2022، أن هذه الإدارة لا تختلف عن الإدارات السابقة فيما يتعلق بالعسكرة وجعل “البنتاغون” أولوية فيما يتعلق بالإنفاق المتزايد عاماً بعد عام.

كما كشفت الموازنة أن وعود بايدن حيال إنهاء الحروب الأمريكية في الخارج، وعود خلّبيّة للترويج فقط، فيما هو في الحقيقة ماض في إغداق أكثر من نصف الإنفاق التقديري الفيدرالي على “البنتاغون” على حساب مجالات أخرى أكثر أهمية من الحروب وصناعة السلاح التي لم تنجح في منح الأمريكيين الشعور بالأمان.

الدلائل على أن الإنفاق اللامتناهي لـ”البنتاغون” لم يجعل الأمريكيين في أمان، لا تزال حاضرة في الأذهان بدءاً من تفشي وباء “كورونا” إلى أعمال العنف التي حدثت في مبنى “الكابيتول” عندما حرّض دونالد ترامب أنصاره على التمرد للحيلولة دون تنصيب بايدن، ناهيك عن صعود اليمين المتطرف وظاهرة الشعبوية.

ما سبق من دلائل يؤكد أن الدفاع الزائف عن ما يسمى “قيم الجمهورية” ضد أهم المخاطر على الصحة والسلامة العامة المحلية لا يقع ضمن اختصاص “البنتاغون”، وأن الإنفاق عليها أكبر مصدر لإهدار الإنفاق وسوء الإدارة المتوارث في الولايات المتحدة.

في طريقها المحموم للتسلح والهيمنة، ليس مستغرباً أن تضغط إدارة بايدن في الأيام القادمة أكثر في تحذيراتها الترويجية من حرب باردة جديدة مع الصين ومخاطر هذه الحرب، وذلك في رد متوقع منها على الإجماع العام الأمريكي المتزايد على أنه لا يمكن الاستمرار في وضع احتياجات “البنتاغون” أولاً على حساب مجالات أكثر إلحاحاً كالصحة والتعليم والمناخ وغيرها.

اللافت، أن الإنفاق العسكري المتزايد عاماً بعد آخر، والذي وصل لقرابة تريليون دولار، يشكّل العبء الأكبر على كاهل المديونية الأمريكية التي بلغت أكثر من 27.56 تريليون دولار بداية العام الحالي.

الارتفاع المتواصل للدين العام الأمريكي بات يشكّل هاجساً يسيطر على شريحة واسعة من الأمريكيين الذين لا يجدون طائلاً من وراء الإنفاق العسكري المتزايد والتي لا تستفيد منه سوى كبرى الشركات الدفاعية التي تشكل لوبيات ضاغطة على جميع مستويات صنع القرار في أمريكا، وتحذر باستمرار من خفض الإنفاق العسكري بزعم الإضرار بقدرة واشنطن على ردع خصومها، من دون الحديث عن المتسبب الرئيسي بسباق التسلح والهيمنة حول العالم، وعما إذا كانت الولايات المتحدة تواجه بالفعل أخطاراً حقيقية على أمنها المباشر تقتضي ذلك الإنفاق المهدور.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار