يوم الخامس والعشرين من أيار سيبقى خالداً في الذاكرة والوجدان العربيين.. ففي هذا اليوم عام 2000 تم دحر الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، بعد سنوات طويلة من المقاومة والتضحيات في مواجهة عدو غاشم، لتسجل المقاومة انتصار مدوياً وتؤسس تالياً لقواعد مواجهة جديدة، انكسرت فيها إلى الأبد صورة العدو الإسرائيلي.
خصوصية التحرير أنه شكّل محطة تأسيسية، لمسار نضالي أسقط أهداف الاحتلال، ومهد لانتصار تموز 2006، وما يحصل اليوم في الأراضي الفلسطينية، لا يمكن فصله بالنتائج والتأثيرات عن انتصار أيار، وعن انتصار سورية بعد عشر سنوات من حرب إرهابية.
في كل ساحات المواجهة المفتوحة من لبنان إلى فلسطين وسورية المعركة نفسها مع العدو الإسرائيلي ووكلائه من الإرهاب التكفيري المدعوم أمريكياً وغربياً، والنتائج واضحة لجهة انكسار مشاريع الإرهاب والاحتلال معاً، فقد اندحرت مشاريع الأول -أي الإرهاب- وتم تفويت الفرصة على رعاته للتوظيف لصالح العدو الصهيوني، كما عاد الاحتلال الإسرائيلي إلى المربع الأول في المواجهة مع الشعب الفلسطيني الذي أثبت أنه موحد خلف قضيته وحقوقه.
لم يكن تحرير العام 2000 انتصاراً للبنان وحده. بل كان انتصاراً أيضاً لفلسطين ولسورية والشعب العربية.. فقد قدمت المقاومة في لبنان إبداعاً في مواجهة تفوق الاحتلال على كافة المستويات، ومن موقع التجربة المبهرة في نجاحها أثبتت المقاومة الفلسطينية أنه بالإمكان الانتصار على العدو نفسه. وأثبت الشعب العربي السوري أنه بالإمكان أيضاً الانتصار على الإرهاب، وبناء عليه باتت لدى الشعوب العربية خياراتها البديلة عن التسليم بالوقائع التي فرضها الاحتلال، وهو ما يُفسر ما حدث في مناطق 48 الفلسطينية.
مجيء ذكرى انتصار أيار، هذا العام غداة انتصار الفلسطينيين، وما تمر به المنطقة أكبر دليل على صوابية خيارات المقاومة، ونهجها وقوة دولها. ولعل التحديات التي تشهدها المرحلة، إنما تعطي لـعيد المقاومة والتحرير أهميّة مضاعفة، وبُعداً أرحب، على المستوى السياسي، والإستراتيجي.
وقائع المنطقة، منذ 25 أيّار 2000 وكل الأحداث الكبرى التي شهدناها إلى يومنا هذا تؤكد في بعض منها ترابطها عضوياً بما جرى في ذلك الشهر، فالحروب الأميركيّة التي شُنت منذ عام 2001 وغزو العراق، والحرب على سورية الممتدة منذ عشرة أعوام والتي لها كثير من الأسباب تقف في خلفيتها الآمال والرهانات الأمريكية والصهيونية على فتح مسار معاكس للذي بدأ في 25 أيار 2000.